فيه جهة ملزمة يكون الاتيان بهذا الفرد مستحبا مؤكدا الا ترى ان البديهة تشهد بان اختيار التصدق على الفقير المؤمن العالم من ذوي الأرحام بقصد سرور المؤمن واكرام العالم ومواصلة ذي الرحم أرجح من التصدق على الفقير الفاقد لهذه الأوصاف ولو في مقام ابراء الذمة عن النذور ليس هذا الا لكون هذا الفعل الخاص محصلا لما هو المقصود من جميع الأوامر وان ارتفع عنه الطلب الاستحبابي فعلا لأجل صيرورته مصداقا للواجب فسرور المؤمن واكرام العالم ومواصلة ذي الرحم محبوب لله [تعالى] دائما سواء حصل بها امتثال واجب كالوفاء بنذر التصدق على الفقير أم لا * (الفرض الثاني) * من فروض الوضوء غسل الوجه وهو العضو المعروف وقد حده الشارع صونا عن اختفاء حدوده على المكلفين بما بين منابت الشعر في مقدم الرأس إلى طرف الذقن طولا وفي طهارة شيخنا المرتضى [قده] بلا خلاف ولا اشكال بل نسبه في المعتبر والمنتهى إلى مذهب أهل البيت عليهم السلام وما اشتملت عليه الابهام والوسطى عرضا وهذا التحديد هو المعروف بل الظاهر المصرح به في كلام بعضهم عدم الخلاف في ذلك وفي المدارك هذا التحديد مجمع عليه بين الأصحاب والمستند فيه ما رواه زرارة في الصحيح عن أبي جعفر (ع) أنه قال له أخبرني عن حد الوجه الذي ينبغي ان يتوضأ الذي قال الله عز وجل فقال الوجه الذي قال الله وأمر الله عز وجل بغسله الذي لا ينبغي لاحد ان يزيد عليه ولا ينقص منه ان زاد عليه لم يوجر وان نقص منه اثم ما دارت عليه الوسطى والابهام من قصاص شعر الرأس إلى الذقن وما جرت عليه الإصبعان مستديرا فهو من الوجه فقال له الصدغ من الوجه فقال لا وفي رواية الكليني وما دارت عليه السبابة والوسطى والابهام والروايتان متحدتان بحسب المفاد إذ لا اثر للسبابة بعد اعتبار الوسطى التي هي أطول منها عادة فلا يورث اعتبارها في الحد اختلافا في المحدود فذكرها انما هو لورود الرواية مورد الغالب نظير قوله [تعالى] وربائبكم اللاتي في حجوركم وحاصل ما يظهر من الرواية مؤيدا بفهم الأصحاب ان الوجه الذي امر الله [تعالى] بغسله ما يحيط به الأصابع حال الغسل من دون ان يقلب الكف إلى احدى الصفحتين من قصاص شعر الناصية إلى الذقن والتعبير عن هذا المعنى بدوران الأصابع اما بلحاظ ان غسل الوجه أي ايصال الماء إلى جميع اجزائه بعد صب الماء عليه لا يكون غالبا الا بدوران الأصابع وجريها على حدود الوجه الابهام من طرف والسبابة والوسطى من طرف اخر من قصاص الشعر إلى اخر الوجه أو بلحاظ ان إدارة الإصبعين من القصاص بحيث تنتهي الدورة إلى الذقن كما هو ظاهر كلمة من والى معرف للوجه فعلى هذا التفسير لا تكون الرواية ناظرة إلى الكيفية الحاصلة في الغسل المتعارف فيكون المقصود من دوران الإصبعين من قصاص الشعر إلى الذقن وضعهما على القصاص وفتحهما بحيث يمتلى الفرجه بينهما ثم ادارتهما بحيث تنتهي الدورة إلى الذقن فيحدث من ذلك شكل يشبه الوجه حقيقة والدائرة عرفا وهذا مما يقرب إرادة هذا المعنى من الرواية مضافا إلى كونه انسب بالنظر إلى ظاهر ألفاظها وان كان المعنى الأول انس بالذهن * (وكيف) * كان فالمراد بالاستدارة في الرواية بحسب الظاهر ليس إلا ذلك لا الاستدارة الحقيقية ضرورة ان الوجه ليس مستديرا حقيقيا بحيث تكون نسبة محيطه من كل نقطة تفرض فيه إلى قطبه متساوية ودعوى أن الوجه له معنى شرعي فاسدة جدا ويدل على فسادها مضافا إلى وضوحه موثقة سماعة قال كتبت إلى الرضا (ع) اسئله عن حدا الوجه فكتب من أول الشعر إلى آخر الوجه وكذلك الجبينين وظاهر قوله (ع) وكذلك الجبينين أي كذلك من أول الجبينين إلى آخر الوجه ومن المعلوم ان ما في هذه الرواية مطابق للوجه المعروف عند العرف إذ ليس الخط المحيط على الجبهة والجبينين قوسا من الدائرة المنطبقة على الوجه لان الخط الواقع طرف الجبهة والجبينين اما مستو أو قريب من الاستواء فلا يكون قوسا من الدائرة المارة على الذقن كمالا يخفى فيظهر من ذلك أن التحديد الوارد في غيرها من الاخبار أيضا انما أريد به بيان حدود الوجه المستعمل في معناه العرفي لا انه لبيان اصطلاح جديد من الشارع في معنى الوجه فما ذكره المحقق البهائي [قده] في تفسير الرواية حيث قال في محكى أربعينه والذي يظهر لي من الرواية ان كلا من طول الوجه وعرضه هو ما اشتمل عليه الإصبعان إذا ثبت وسطه وأدير على نفسه حتى يحصل شبه الدائرة فذلك القدر هو الذي يجب غسله ثم ذكر ان قوله من قصاص الشعر اما حال من الخبر واما متعلق بدارت يعنى ان الدوران يبتدى من قصاص الشعر منتهيا إلى الذقن ولا ريب انه إذا اعتبر الدوران على هذه الصفة للوسطى اعتبر للابهام عكسه تتميما للدائرة المستفادة من قوله (ع) استديرا فاكتفى بذكر أحدهما عن الاخر وأوضحه بقوله (ع) وما جرت عليه الإصبعان مستديرا فهو من الوجه فقوله (ع) مستديرا حال من المبتدأ وهذا صريح في أن كلا من طول الوجه وعرضه شئ واحد هو ما اشتمل عليه الإصبعان عند دورانهما كما ذكر * (انتهى) * ليس على ما ينبغي اما أولا فلما عرفت من أن الوجه ليس مستديرا بالاستدارة الحقيقية لا لغة ولا عرفا ولا شرعا وثانيا فلان ظاهر قوله (ع) ما دارت عليه الابهام
(١٣٣)