في محكى الذكرى تفريعا على قول الشيخ بالإعادة لو توهم البرء فكشف فظهر عدمه أمكن وجوب إعادة الوضوء لظهور ما يجب غسله و وجه العدم ظهور بطلان ظنه انتهى وفيه أنه ان كان عذره المسوغ للمسح على الجبيرة تضرره من نزعها وتعذر ايصال الماء إلى ما تحتها بدون النزع لا تضرره من نفس الغسل من حيث هو فلا مجال لتوهم عدم الوجوب على قول الشيخ لان بطلان ظنه لا يوجب عجزه عن الوضوء الصحيح بعد الكشف وان كان عذره تضرره من نفس الغسل فلا مجال لتوهم الإعادة ببقاء عذره المسوغ بعد الكشف أيضا كقبله وقيل تفريعا على الفعل بعدم وجوب الإعادة لو ظهر سبق البرء ولما يعلم به حين الوضوء اتجه الإعادة * (وفيه) * انه مبنى على كون ظن الضرر أو خوفه حال الوضوء طريقا لامرار موضوع الحكم حتى تندرج المسألة بذلك في موضوع من أدى تكليفه بالطريق الظاهري فانكشف خلافه الذي تحقق في محله ان الأقوى فيه الإعادة الا ان في كون المسألة من هذا القبيل تأملا إذ لا يبعد ان يكون ظن الضرر بل خوفه نفسه عذرا واقعيا في حقه فتكليفه الواقعي حال الوضوء لم يكن الا الوضوء الناقص فالمسألة في غاية الاشكال تحتاج إلى مزيد تتبع وتأمل والاحتياط لا ينبغي تركه والله العالم * (المسألة السادسة) * لا يجوز ولا يجزى ان يتولى شيئا من وضوئه غيره لأنه المخاطب بفعله وظاهر الخطاب وجوب ايجاد المكلف الفعل المأمور به بنفسه لا بالتسبيب كما أنه يتبادر من اسناد الفعل إلى الفاعل في الجملة الخبرية نحو قولك ضرب زيد عمرا وكون زيد بنفسه فاعلا ككون عمرو مفعولا فلا يجوز رفع اليد عما هو ظاهر الخطاب الا بقرينة داخلية كما لو طلب منه فعلا ليس من شأنه صدوره من شخص الفاعل عادة الا بالتسبيب مثل ما لو كلفه ببناء المساجد وحفر الابار والأنهار ومن هذا القبيل قوله تعالى حاكيا عن فرعون يا هامان ابن لي صرحا أو بقرينة خارجية كما لو علم من الخارج ان مقصود الامر ليس إلا مجرد حصول متعلق الأمر في الخارج كما في الواجبات التوصلية وبهذا ظهر لك انه لا فرق فيما يتفاهم من الخطاب بين الأوامر التوصلية والتعبدية غاية الأمر انه علم من الخارج في التوصليات ان قيد المباشرة التي يستفاد من ظاهر الخطاب ليس قيدا لما تعلق به غرضه في الواقع لا بمعنى ان القيد غير مراد من مدلول الخطاب بل بمعنى ان العقل بعد أن أدرك ان الغرض ليس إلا حصول المتعلق في الخارج يعمم موضوع الواجب الواقعي بحيث يعم كل ما يحصل به غرض المولى فيكون المأمور به بالخطاب اللفظي أحد افراد الواجب المخير بحكم العقل الا ترى أنه لو قال المولى لعبده قم من مكانك وانطلق إلى المكان الفلاني وائتني بالماء الذي في ذلك المكان يجوز للعبد إذا علم أن مقصوده ليس إلا احضار الماء مخالفة هذه الأوامر إذا أمكنه احضار الماء بوجه آخر ولو بسبب غير عادى لان عنوان الواجب الواقعي حينئذ بنظر العقل أعم من الفعل الواقع في حين الطلب وما يقوم مقامه في التوصل إلى تحصيل الغرض فله بحكم العقل ايجاد متعلق الأمر في التوصليات بالتسبيب ناويا فيه امتثال الامر الواقعي المنجز في حقه وهذا بخلاف التعبديات فإنه لا يجوز فيها مخالفة ظاهر الطلب الا بعد ورود دليل خاص على أن المقصود يحصل بايجاد الفعل مباشرة أو تسبيبا نعم ربما يستفاد ذلك من نفس الطلب كما في امر الشارع ببناء المساجد ونحوها والحاصل ان المتبادر من طلب فعل من شخص وجوب ايجاده بنفسه وجواز التخطي عن هذا الظاهر يحتاج إلى دليل وهو في التوصليات موجود وفي التعبديات يدور مدار الأدلة الخاصة وليس فيها دليل عام يقتضيه على الاطلاق فالأصل فيها عدم جواز التسبيب بل وكذا الأصل فيها عدم قبولها للاستنابة لما عرفت من ظهور الأدلة في وجوب المباشرة المتعذر حصولها بفعل النائب فما قيل من أن الأصل في العبادات قبولها للنيابة لعمومات أدلة النيابة ضعيف حيث إن شمول العموم فرع امكان صدور الفعل المأمور به من النائب حتى يعقل امضائه شرعا بعمومات الوكالة وهو موقوف على عدم كون المباشرة قيدا في المأمور به وهو خلاف ظواهر الأدلة والفرق بين الاستنابة والتسبيب ان موضوع الوجوب فيما يجوز فيه التسبيب هو مطلق الفعل الصادر من الشخص مباشرة أو تسبيبا فلا يعتبر في حصول الامتثال فيه الا قصد المكلف واما المباشر فهو بمنزلة الآلة فيجوز ان يكون صبيا أو مجنونا أو كافرا واما موضوع الوجوب في العبادات القابلة للنيابة فليس الا الفعل الصادر من نفس المكلف وانما دل الدليل الخارجي على جواز تنزيل الغير نفسه منزلة المكلف في امتثال الامر المتعلق به والقيام بوظيفته فالمتصدق النية انما هو النائب بعد تنزيل نفسه منزله المنوب عنه لا المكلف فالدليل الدال على جواز النيابة حاكم على ما دل على وجوب ايجاد الفعل على المكلف مباشرة بمعنى انه يدل على جواز تنزيل غير المكلف نفسه منزلة المكلف في ايجاد ما يجب عليه ايجاده بالمباشرة ولكنك خبير بان جواز الاستنابة بالمعنى المذكور امر لا يفي باثباته العمومات الدالة على صحة عقد الوكالة حتى يدعى حكومتها على ظواهر الأدلة بل الظواهر حاكمة عليها كما لا يخفى فظهر لك بان مقتضى القاعدة عدم جواز التولية والاستنابة في الوضوء ويدل عليه مضافا إلى ما ذكرنا الاجماعات المحكية المستفيضة وربما يستدل له بقوله تعالى ولا يشرك بعبادة ربه أحدا * (وفيه) * ان ظاهر الآية بشهادة سياقها بملاحظة صدرها وهو قوله تعالى فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا إرادة
(١٩٠)