نجاسته المحل بحيث لا يزيلها الا الماء لكن هذا الوجه انما يتأتى فيما لو باشر النجس برطوبة مسرية واما لو استعمله بعد النقاء اكمالا للعدد كما إذا حصل النقاء بحجرين وكان النجس ثالث الثلاثة التي أو جنبا استعمالها في الاستنجاء فلا يتم هذا الوجه كمالا يخفى فالعمدة [ح] هو الاجماع واعلم أنه لا فرق بين الأحجار وغيرها من الأجسام الطاهرة القالعة للنجاسة عدا ما استثنى في جواز الاستجمار بها على المشهور بل عن الخلاف والغنية الاجماع عليه والتعبير بخصوص الأحجار في أغلب النصوص والفتاوى لغلبتها وشيوع الاستنجاء بها لا لمدخلية خصوصيتها في موضوع الحكم كما يدل عليه ملاحظة اخبار الباب الدالة على جواز استعمال الكرسف والخرق والمدار والعود ونحوها فان المتأمل في مجموع هذه الأخبار لا يكاد يرتاب ولو بملاحظة الشهرة ونقل الاجماع في أن ذكر هذه الأشياء في الروايات ليس لأجل اعتبارها بالخصوص ففي رواية زرارة قال سمعت أبا جعفر يقول كان الحسين بن علي (ع) يتمسح من الغائط بالكرسف وفي روايته الأخرى مضمرة كان يستنجى من البول ثلاث مرات ومن الغائط بالمدر والخرق والخزف بالزاء المعجمة والفاء كما عن بعض نسخ التهذيب وخبر ليث المرادي عن الصادق (ع) قال سئلته عن استنجاء الرجل بالعظم أو البعرة أو العود فقال اما العظم والروث فطعام الجن وذلك مما اشترطوا على رسول الله صلى الله عليه وآله فقال لا يصلح بشئ من ذلك وظاهر هذه الرواية بقرينة التفصيل بين العظم والروث وبين غيرهما والتعليل فيهما بكونهما طعام الجن انما هو جواز الاستنجاء بكل جسم صالح للاستنجاء مما عداهما وربما يستدل للعموم بحسنه ابن المغيرة وموثقة يونس وفيه أن الحسنة مسوقة لبيان حد الاستنجاء لا لبيان ما يستنجى به فلا يصح التشبث باطلاقها من هذه الجهة واما الموثقة فالانصاف صحة الاستدلال بها لكونها بحسب الظاهر مسوقة لبيان ما هو الواجب على من رجع من الغائط وهو غسل ذكره واذهاب الغائط الذي يمكن حصوله بكل جسم قاطع للنجاسة فلا يرفع اليد عن اطلاقها الا فيما ثبت عدم جواز استعماله كالمتنجسات والأعيان النجسة وكذا لا يجوز استعمال العظم ولا الروث بلا خلاف فيهما ظاهرا بل عن غير واحد دعوى الاجماع عليهما للأخبار المستفيضة منها رواية ليث المتقدمة وعن مجالس الصدوق ان النبي صلى الله عليه وآله نهى ان يستنجى بالروث والرمة أي العظم البالي وعن كتاب دعائم الاسلام انهم عليهم السلام نهوا عن الاستنجاء بالعظام والبعر وكل طعام و عن الفقيه ان وفد الجان جاؤوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقالوا يا رسول الله صلى الله عليه وآله متعنا فأعطاهم الروث والعظم فلذلك لا ينبغي ان يستنجى بهما ويؤيدها اخبار مستفيضة مروية من طرق العامة ولكنه لا يخفى ما في جميع اخبار الباب من قصور السند وضعف الدلالة بحيث لا تصلح دليلا الا لاثبات الكراهة ولذا تردد العلامة فيها في محكى التذكرة وفي الوسائل الحكم بالكراهة ولعل الاجماعات المنقولة المعتضدة بالشهرة كافية في جبرها وقصور دلالتها والله العالم ولا المطعوم ضرورة ان الله تعالى لا يرضى لعبادة ان يكفروا بأنعمه إلى حد يستعملون ما خلقه الله للأكل في الاستنجاء فإنه كاد ان يكون هذا النحو من التحقير والاستخفاف بنعم الله العظام كفار كما يفصح عن ذلك قضية قوم ضربهم الله مثلا حيث صدر منهم ما صدر فأذاقهم الله طعم ما صنعوا جزاء بما كانوا يصنعون رزقنا الله شكر نعمه وأعاذنا من الكفر والطغيان بمحمد وآله الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين ولكن الانصاف ان الالتزام بحرمة الاستنجاء ببعض المطعومات التي ربما يطرح في الأرض ولا يعد ذلك في العرف والعادة استخفافا بنعم الله [تعالى] مشكل جدا اللهم الا ان يتشبث لاثبات حرمته بالاجماعات المحكية المستفيضة ورواية دعائم الاسلام المتقدمة وفحوى النهى عن العظم والروث الذين هما طعام الجن مع اعتضاد بعضها ببعض وانجبار ضعفه بالاخر والله العالم وكذا لا يجوز الاستنجاء بكل شئ محترم شرعا كما هو ظاهر ولا صقيلا يزلق عن النجاسة ولو استعمل ذلك لم يطهر لان صقله وملاسته يمنعه عن قلع النجاسة وحصول النقاء الذي هو شرط في التطهير نعم لو اتفق قلع النجاسة به لا مانع عنه وهذا بخلاف الاستنجاء بالعظم والروث والمطعوم وسائر الأجسام المحترمة فان النهى عن استعمالها شرعي فلو استعملها جهلا أو نسيانا أو عصيانا تطهر على الأظهر نعم لو كان مستند التعدي عن الأجسام المنصوصة إلى غيرها الاجماع لوجب الاقتصار على ما عدا مثل هذه الأشياء التي وقع الخلاف فيها ولكنك عرفت أن الاخبار هي العمدة في ذلك لكن في بعض الأخبار العامية بعد أن نهى النبي صلى الله عليه وآله ان يستنجى بروث أو عظم قال إنهما لا يطهران وحيث لا يكون مثل هذه الروايات حجة عندنا لا يهمنا التعرض لتنقيح مفاده وتحقيق ما يقتضيه الجمع بينه وبين غيره من الاخبار فالأقوى ما عرفت والله العالم * (الثالث) * في سنن الخلوة وهي مندوبات ومكروهات فالمندوبات أمور منها التستر عن الناس بالبعد منهم أو الدخول في بيت ونحوه كما عرفته فيما سبق * (ومنها) * ارتياد موضع مناسب للبول فإنه من فقه الرجل كما في رواية السكوني ومرسلة سليمان الجعفري وفي خبر ابن مسكان عن أبي عبد الله (ع) قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله أشد الناس توقيا عن البول كان إذا أرادا البول يعمد إلى مكان مرتفع من الأرض أو إلى مكان من الأمكنة يكون فيه التراب الكثير كراهة ان ينضح عليه البول ومنها تغطية الرأس اتفاقا كما عن المعتبر والذكرى وغيرهما لما روى عن المفيد في المقنعة أنه قال إن تغطية الرأس ان كان مكشوفا عند التخلي سنة من سنن المرسلين ويظهر من غير واحد من الاخبار استحباب التقنع وهو بحسب الظاهر أخص من التغطية ولا منافاة بينهما لاحتمال استحبابهما معا ويحتمل كونهما من قبيل تعدد المطلوب بان يكون الثاني أفضل فردي المستحب وكيف كان
(٩١)