كاستصحاب طهارة الماء أو اطلاقه والا فهو المرجع كما هو ظاهر ومن هذا القبيل ما لو شك في عروض الحدث في أثناء الوضوء فإنه لا يلتفت إليه لأصالة عدمه * (تنبيه) * صرح غير واحد من الاعلام في المقام تبعا لما عن الحلي في السرائر بأنه لا عبرة بشك من كثر شكه فإنه يمضى على شكه ويبنى على صحة عمله كما في الصلاة * (و) * في الجواهر بعد أن حكى ذلك عن جملة من أصحابنا قال بل لا أجد فيه خلافا كما في الصلاة انتهى وربما المستدل له بان اعتنائه بشكه حرج منفى في الشريعة وفي كفايته لعموم المدعى تأمل ويدل عليه أيضا ما يستفاد من الأخبار الواردة في الصلاة الدالة على أن كثرة الشك من الشيطان مثل صحيحة زرارة وأبى بصير الواردة فيمن كثر شكه في الصلاة بعد أن امر بالمضي في الشك قال (ع) لا تعودوا الخبيث من أنفسكم نقض الصلاة فتطيعوه فان الشيطان خبيث معتاد لما عود فليمض أحدكم في الوهم ولا يكثرن نقض الصلاة فإنه إذا فعل ذلك مرات لم يعد إليه الشك ثم قال انما يريد الخبيث ان يطاع فإذا عصى لم يعد إلى أحدكم وقوله (ع) إذا كثر عليك السهو فامض على صلاتك فإنه يوشك ان يدعك فإنما ذلك من الشيطان * (و) * في صحيحة عبد الله بن سنان عن الصادق عليه السلام قال قلت له رجل مبتلى بالوضوء والصلاة وقلت هو رجل عاقل فقال أبو عبد الله (ع) وأي عقل له وهو يطيع الشيطان فقلت له وكيف يطيع الشيطان فقال شكه هذا الذي يأتيه من أي شئ هو فإنه يقول لك من عمل الشيطان وربما يظهر من بعض الأخبار انه يعمل ببعض الامارات كرواية الواسطي قلت لأبي عبد الله (ع) جعلت فداك اغسل يدي فيشككني الشيطان انى لم اغسل ذراعي ويدي قال إذا وجدت برد الماء على ذراعيك فلا تعد قال شيخنا المرتضى [ره] بعد نقل الرواية ويؤيدها رفع الحرج ولكن القول بها مفقود * (أقول) * ولعل الإمام (ع) أراد بذلك حسم مادة مرضه حيث إنه (ع) علم أن شكه غالبا يحصل بعد صدور الفعل منه كما هو الغالب في كثير الشك والوسواس فإذا رجع إلى الامارات ووجد امارة الغسل مرات يزول مرضه وكيف كان فالمراد بكثير الشك بمقتضى معناه اللغوي والعرفي كثير الاحتمال في مقام لا يحتمله غيره راجحا كان أم مرجوحا أم مساويا * (والعجب) * ممن وجه كون كثير الظن ككثير الشك بانصراف ما دل على اعتباره فيما كان من متعارفة الموافق للحاصل لأغلب الناس وفيه أنه لا دليل على اعتبار الظن في الوضوء حتى يدعى انصرافه إلى المتعارف * (ودعوى) * الانصراف على تقدير وجود الدليل انما تنفع بعد اثبات ان المراد من الشك الذي اخذ موضوعا للحكم المستفاد من الأدلة المتقدمة مطلق الاحتمال الشامل للظن الغير المعتبر والا فالمرجع أصالة عدم حصول الفعل في الخارج فالشان انما هو في اثبات ذلك لا عدم حجية ظنه حتى يدعى انصراف أدلة الاعتبار كما لا يخفى * (واعجب) * من ذلك ما ذكره بعد ذلك بقوله واما كثير القطع فإن كان متعلق قطعه الترك فلا يلتفت أيضا لنظير ما ذكر الا إذا تبين نشائه مما يفيد القطع لصحيح المزاج وان كان الفعل فهو معتبر الا إذا تبين نشائه مما لا يفيد القطع لسليم المزاج وفيه مالا يخفى لان وجوب متابعة القطع انما هو بالزام العقل فلا يعقل دعوى الانصراف في دليله وعلم القاطع بأنه لم يتوضأ عقيب الحدث أولم يغسل يديه بعد غسل وجهه علة تامة لالزام عقله بوجوب ايجاد المأمور به وليس لخصوصية الاشخاص وأسباب القطع مدخلية في موضوع حكم العقل بوجوب ترتيب اثار الامر المقطوع به لان ملاك إلزام العقل انما هو ادراك الواقع والقطع بذاته طريق لادراك متعلقة فالقطاع بعد أن رأى الواقع باعتقاد بحيث لا يحتمل الخطاء في حقه في خصوص هذا المورد الشخصي يرتب على ما أدركه جميع اثار الواقع بالزام عقله و يرى منع الشارع من اتباع قطعه مناقضا لامره الواقعي وترخيصا في ارتكاب المعصية فلا يحتمل صدوره من الشارع الحكيم واما ما ذكره من التفصيل بين ما إذا تبين ان قطعه نشأ مما يفيد القطع لصحيح المزاج دون غيره ففيه مضافا إلى ما عرفت من عدم امكان التصرف في طريقية القطع انه لا يرجع إلى محصل إذ غاية الأمر ان القطاع يقطع بحصول قطعه من سبب عادى أو بحصوله من سبب غير عادى الا ان اعتبار هذا القطع أيضا مشروط بكونه من سبب عادى وهكذا فيتسلسل وكيف كان فضعف هذا الكلام بمكان وان صدر من غير واحد من الاعلام ولتمام الكلام مقام آخر والله مقيل العثرات ولو تيقن الطهارة وشك في الحدث أي لم يستيقن الحدث بعدها لم يعد الوضوء بلا خلاف فيه نصا وفتوى نعم يظهر من المحكى عن شيخنا البهائي [ره] خلافه فيما لو ظن بالحدث حيث قال فيما حكى عن حبله المتين بعد أن صرح أولا بان ما ذكروه من أن اليقين لا يرفعه الشك يرجع إلى استصحاب الحال إلى أن يعلم الزوال فان العاقل إذا التفت إلى ما يحصل بيقين ولم يعلم ولم يظن ما يزيله حصل له الظن ببقائه ما صورته ثم لا يخفى ان الظن الحاصل بالاستصحاب فيمن تيقن الطهارة وشك في الحدث لا يبقى على نهج واحد بل يضعف بطول المدة شيئا فشيئا بل قد يزول الرجحان ويتساوى الطرفان بل ربما يصير الطرف الراجح مرجوحا كما إذا توضأ عند الصبح مثلا وذهل عن التحفظ ثم شك عند الغروب في صدور الحدث منه ولم يكن من عادته البقاء على الطهارة إلى ذلك الوقت والحاصل ان المدار على الظن فما دام باقيا فالعمل عليه وان ضعف انتهى ويدفعه مضافا إلى عدم القول بإناطة اعتبار الاستصحاب بالظن الشخصي ولو من القائلين باعتباره من باب الظن كما تقرر في الأصول الأخبار المستفيضة * (منها) * قوله (ع) في ذيل موثقة عبد الله بن بكير وإياك ان تحدث وضوء ابدا حتى تستيقن انك أحدثت * (ومنها) * صحيحة زرارة عن أبي جعفر (ع) قال قلت له الرجل ينام وهو على وضوء
(٢٠٨)