بقوله لم عصيتني للعبد ان يعتذر بجهله فلو احتج المولى عليه بعلمه الاجمالي له أن يقول امن أجل اناء واحد حرم على جميع ما في الأرض وهذا الجواب منه مرضى عند العقلاء بخلاف ما لو اشتبه في إنائين فلا يقبل عذره بالجهل ويرشدك إلى ما ذكرناه ما عن محاسن البرقي عن أبي الجارود قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن الجبن فقلت أخبرني من رأى أنه يجعل فيه الميتة فقال امن أجل مكان واحد يجعل فيه الميتة حرم جميع ما في الأرض فما علمت أنه فيه الميتة فلا تأكله وما لم تعلم فاشتر وكل وبع الخبر فإنه كالصريح في كون الجهل عند كثرة المحتملات عذرا وان الالتزام بالتحرز عن جميعها من المستنكرات عند العقلاء وخروج بعض أطراف الشبهة في مورد الرواية عن محل الحاجة لا ينافي ظهورها في المطلوب كمالا يخفى على التأمل ومنها خروج أكثر افرادها في كثير من مصاديقها عن مورد ابتلاء المكلف وقد عرفت عدم وجوب الاجتناب على هذا التقدير في المحصور فيمكن تنزيل كلام الأصحاب على هذه الافراد الغالبة وعلى تقدير ارادتهم العموم فالاجماع هو الفارق بين المقامين وقد عرفت امكان الترخيص في البعض الذي لا يستلزم ارتكابه مخالفة قطعية وهذا المعنى يستفاد من الاجماع في غير المحصور دون غيره واما جواز ارتكاب الجميع فلا نسلمه خصوصا مع العزم عليه من أول الأمر نعم مقتضى الوجه الأول جواز ارتكاب الجميع في الجملة لا عن قصد سابق وكيف كان فالفرق بين الشبهتين في غاية الوضوح * (واما) * ما استفاده من قواعد الأصحاب [الخ] ففيه ان مورد كلامهم ما إذا كان خارج الماء خارجا عن مورد الابتلاء والا فلو كان مما يبتلى به المكلف كما إذا كان الخارج موضع سجوده فلا ريب في أن المستفاد من قواعدهم وجوب الاجتناب لا عدمه وبما ذكرناه ظهر أيضا ان ما ذكره صاحب الحدائق ردا على ما استنهضه صاحب المدارك مؤيد المختارة بقوله * (أقول) * وجه الفرق بين ما نحن فيه وما فرضه [قده] ممكن فان مقتضى القاعدة المستفادة من الاخبار بالنسبة إلى الاشتباه في المحصور ان يكون افراد الاشتباه أمورا معلومة معينة بشخصها وبالنسبة إلى غير المحصورة أن لا يكون كذلك وما ذكر من المشار إليها انما هو من الثاني لا الأول على أن القاعدة المذكورة انما تتعلق بالافراد المندرجة تحت مهية واحدة والجزئيات التي تحويها حقيقة واحدة فإذا اشتبه ظاهرها بنجسها وحلالها بحرامها فيفرق فيها بين المحصور وغير المحصور بما تضمنه تلك الأخبار لا وقوع الاشتباه كيف كان انتهى لا يخلو عن نظر توضيحه ان ما ذكره فارقا بين المقامين أولا بتنزيل حكم الأصحاب على الشبهة الغير المحصورة * (ففيه) * ان مورد حكم الأصحاب اما أعم أو مخصوص بالشبهة المحصورة لان أطراف الشبهة في مفروضهم عادة لا تتعدى عما يقرب من الاناء وفي مثله لا تندرج الشبهة في غير المحصورة وما ذكره ثانيا من اختصاص الحكم بوجوب الاجتناب فيما إذا كانت الافراد مندرجة تحت مهية واحدة * (ففيه) * مع أنه لا انضباط لها في حد ذاتها إذ لم يعلم وحدتها نوعا أو صنفا أو جنسا قريبا أو بعيدا ما عرفت من أن المناط صحة توجيه الخطاب المنجز لا غير ولعل الذي حمله على هذا الفرق هو خروج غير المتشابه غالبا من مورد التكليف المنجز فبعد ان راجع وجدانه ولم ير استقلال العقل بوجوب الاجتناب في مثله زعم أن المناط تغاير المهيتين غفلة عن صورة الابتلاء وتنجز الخطاب وإلا فلا يظن به تجويزه الارتكاب فيما لو سئل عن حكم ما لو تردد الامر بين وقوع القطرة من البول في الماء الذي يتوضأ منه أو ثوبه الذي يصلى فيه وكيف كان فلا يخفى ما فيه بعد وضوح المناط * (الأمر الثاني) * انك قد عرفت فيما سبق تلويحا وتصريحا ان المعيار في الابتلاء وعدمه استهجان توجيه الخطاب المنجز عرفا بالنسبة إلى المكلف وعدمه وكذا الكلام في كون الشبهة محصورة أو غير محصورة كون المحتملات من الكثرة بمكان لا يلتفت العقل بالنسبة إلى كل واحد من الأطراف إلى العلم الاجمالي ولا يعتنى بالنظر إليه إلى احتمال كونه هو المحرم الواقعي في الالزام بالتحرز عن المضرة المحتملة ولكنك خبير بان موارد الاشتباه في كلا الموردين في غاية الكثرة الا ان الوجدان التسليم والطبع المستقيم اعدل شاهد في تشخيص المصاديق ولعله كثيرا ما يرتفع الاشتباه بمراجعة الوجدان الا ترى ان المغروس في أذهان عوام المتشرعة عدم وجوب الاجتناب عن الشبهات ما لم يعلم نجاستها فلا يلتفتون إلى الشكوك البدوية أصلا ومع ذلك لو وقعت قطرة بول بين المايعات الموجودة بين أيديهم في معرض ابتلائهم فإنهم لا يبادرون إلى تناول شئ منها حتى يسئلوا عن حكمها ففي مثل هذه الموارد يعلم أن للعلم اثرا بالنسبة إلى الأطراف وهذا بخلاف ما لو كان بعض الأطراف خارجا عن مورد تكليفهم المنجز كما لو دار الامر بين وقوعه في انائه أو على ارض نجسة أو على ثوب شخص اخر فإنهم لا يلتفتون إلى العلم الاجمالي أصلا ولا ينظرون الا إلى الطرف الذي هو مورد ابتلائهم ويقنعونه في دفع التكليف عن أنفسهم بمجرد إبداء الاحتمال بوصول القطرة الواقعة على غير مورد ابتلائهم ويمكن ان يفرق بين الشبهة المحصورة وغيرها ببيان آخر ربما يلوح من كلام صاحب الحدائق في عبارته المتقدمة وهو انه إذا كان الحرام المحتمل مرددا بين أمور معينة متعارضة كهذا وذاك وذاك وهكذا فهي محصورة محدودة وإن لم يكن كذلك بان يكون احتمال حرمة كل من الأطراف معارضا لدى العقل في بادي رأيه باحتمال حرمة ما عداه على سبيل الاجمال من دون التفاته إلى سائر الافراد مفصلا على وجه يكون الحرام المحتمل مرددا بين هذا وهذا وذاك فهي غير محصورة * (وكيف) * كان فان ارتفع الشك بمراجعة الوجدان فهو والا فهل يجب الاجتناب لثبوت المقتضى للعقاب وعدم استقلال بالعقل بالمعذورية فيجب التحرز دفعا للعقاب المحتمل أم لا لأن الشك فيه يرجع إلى الشك في التكليف المنجز الأصل عدمه عقلا ونقلا وجهان * (أقواهما) * الأول لما ذكرنا من وجود المقتضى وهي اطلاقات الأدلة الواقعية وعدم المانع
(٥٠)