تعين موضوعه لديه ففيه اشكال ونظيره في الاشكال ما لو نشاء شكه عن سبب سابق مقارن للعمل بحيث لو كان ملتفتا إليه حال الفعل لكان شاكا كما لو قطع بأنه لم يخلل الحائل الذي قد يمنع من وصول الماء إلى البشرة وقد لا يمنع فشك في منعه في الوضوء الصادر منه أو رأى بعد الفراغ شيئا فشك في حاجبيته وعدمها ومنشأ الاشكال اطلاق الفتاوى وأغلب النصوص المتقدمة كموثقتي سماعة و موثقة ابن أبي يعفور ومن اختصاص التعليل المستفاد من قوله (ع) هو حين يتوضأ اذكر منه حين يشك بما عدا هاتين الصورتين حيث إن الظاهر من هذه الرواية ان وجه حمل العمل على الصحيح تقديم الظاهر على الأصل وقد علل غير واحد من الاعلام الحكم بالصحة في مثل المقام بظهور الحال حيث إن العاقل الكامل لا ينصرف عن العمل الا بعد اكماله ومن المعلوم أنه لا ظهور لفعل الجاهل والغافل المعلوم من حالهما عدم تذكرهما حال الفعل ولكن الأظهر هو الحمل على الصحيح في جميع صور الشك لعدم انحصار وجه الحمل في ظهور الحال وليس مدرك الحكم منحصرا في الأدلة اللفظية حتى يدعى الانصراف أو يؤخذ بمفهوم العلة على تقدير تسليم استفادة العلية وانحصارها منها بل العمدة في حمل الاعمال الماضية الصادرة من المكلف أو من غيره على الصحيح انما هي السيرة القطعية ولولاه لاختل نظام المعاش والمعاد ولم يقم للمسلمين سوق فضلا عن لزوم العسر والحرج المنفيين في الشريعة إذ ما من أحد الا إذا التفت إلى اعماله الماضية من عباداته ومعاملاته الا ويشك في أكثرها لأجل الجهل باحكامها أو اقترانها بأمور لو كان ملتفتا إليها لكان شاكا كما أنه لو التفت إلى اعمال غيره يشك في صحتها غالبا فلو بنى على الاعتناء بشكه لضاق عليه العيش كما لا يخفى ولقد استدل بعض الاعلام في وجه حمل فعل الغير على الصحيح أيضا بظاهر الحال مع أن من الواضح عدم انحصار مدركه فيه والا لاختص الحمل بفعل من عرف احكامه دون الجاهل فضلا عن المعتقد للخلاف مع أن من المعلوم من سيرة الأئمة (ع) وأصحابهم انهم كانوا يعاملون مع العامة في معاملاتهم وتطهيراتهم الخبيثة معاملة الصحيح مع ابتناء مذهبهم على مباشرة أعيان بعض النجاسات وعدم التجوز عنها وكذا كانوا يحملون اعمال أهل السواد الذين لا يعرفون احكامهم الشرعية أصلا على الصحيح مع أن الظاهر من حالهم خلافه وإذا ثبت عدم اختصاص مجرى القاعدة بما إذا كان الظاهر من حال الفاعل ايجاده الفعل على الوجه الصحيح ظهر لك عدم جواز رفع اليد عن ظواهر الاخبار الطلقة بسبب التعليل المستفاد من قوله (ع) هو حين يتوضأ اذكر منه حين يشك لان كونه قرينة على التصرف في سائر الأخبار فرع استفادة العلية المنحصرة منه والمفروض انا علمنا من الخارج وعدم الانحصار فالأقوى جريان القاعدة في جميع موارد الشك ولذا لم يستثن أحد من الاعلام من مجريها شيئا من هذه الصور المشكلة واحتمال غفلتهم عنها مع عموم البلوى بها في غاية البعد والله العالم * (الثالث) * قد أشرنا فيما سبق إلى أنه يعتبر في جريان أصل الصحة احراز أصل الفعل بعنوانه القابل للاتصاف بالصحيح والفاسد فإذا أحرز صدور هذا المعنى يحمل على الصحيح ما لم يعلم خلافه فلو شك في أصل صدور الفعل أو في تيممه لا يجرى الأصل فلو دخل في الحمام بقصد الغسل ثم خرج وشك في أنه اغتسل في الحمام أم غفل وترك الغسل أو علم أنه اتى ببعض اجزائه كغسل الرأس وطرفه الأيمن وشك في الباقي اتى بما شك فيه واما لو علم اجمالا بصدور فعل منه بعنوان الغسل بحيث لو سئل عنه يقول شككت في صحة غسلي وفساده فلا يلتفت إلى شكه ولافرق فيما ذكرنا بين معتاد الموالاة وغيره لان المدار على احراز حصول الفعل بعنوانه الاجمالي لاعلى العادة أو ظهور الحال نعم للعادة مدخلية في تعلق الشك ابتداء بمهية الغسل القابلة للاتصاف بالصحيح والفاسد وعدم ملاحظة كل جزء بنفسه فعلا مستقلا شك في وجوه حتى لا يكون من مجارى أصل الصحة فلاحظ وتأمل ومن ترك غسل موضع النجو اي تطهيره ولو بالأحجار أو غسل موضع البول وصلى أعاد الصلاة مطلقا في الوقت أو في خارجه عامدا كان أو ناسيا للموضوع أو الحكم أو جاهلا بالحكم لا بالموضوع لكونه معذورا فيه على الأقوى كما سيجئ في احكام النجاسات من أن الجاهل بها لا يعيد صلاته مطلقا من دون فرق بين الجهل بنجاسة موضوع النجو وغيره لعموم أدلته وعدم اختصاص المقام بدليل يخصه فيخصص به الأدلة العامة النافية للإعادة وهذا بخلاف الناسي فقد ورد له في خصوص المقام اخبار مستفيضة يمكن لأجلها الالتزام بوجوب الإعادة عليه في خصوص نسيان الاستنجاء عدم وجوبها فيما عداه وان كان الأشهر بل المشهور عدم التفصيل والقول بالإعادة مطلقا وكيف كان فلا ريب في أنه يجب على العامد إعادة صلاته لما دل على اشتراطها بطهارة البدن فتنتفى بانتفاء شرطها عقلا فيجب عليه اعادتها في الوقت وفي خارجه وكذا الاشكال بل لا خلاف ظاهرا في أن الجاهل بالحكم الشرعي يعيد صلاته بل عن غير واحد دعوى الاجماع عليه * (نعم) * للمحقق الأردبيلي واتباعه كلام في كون الجاهل بالحكم مكلفا بالواقع ومحصله ان تكليف الجاهل قبيح فلا يكون مكلفا بالواقع حتى يجب عليه الإعادة * (فيه) * ما تقرر في محله من أن تخصيص الأحكام الشرعية بالعالمين بها غير معقول وفي بعض الموارد التي ثبت الاختصاص بهم كمسألة الجهر والاخفات لا بد من توجيهها * (وما) * يقال من أن تكليف الجاهل قبيح فان أريد به قبح توجيه الخطاب إليه وطلب الفعل أو الترك منه ففيه
(٢١٠)