المنصوصة معهودا لدى النسوان فكون الدم بأوصاف الاستحاضة لو لم يكن سببا للعلم بها فلا أقل من كونه منشأ للاعتناء باحتمالها مدفوع بالمنع كما يشهد به التتبع في الاخبار سؤالا وجوابا وليس في قول المرأة في رواية حفص بن النجترى بعدما سمعت من الإماء صفات الحيض والله لو كان امرأة ما زاد على هذا وكذا قول المرأة في رواية اسحق لمولاتها بعد أن سمعت الأوصاف اترا كان امرأة شهادة على معروفية دم الحيض بأوصافها الخاصة لديهن بل سؤالهما في الروايتين يشهد بخلافها وانما وقع التعجب منهما من إحاطة الإمام (ع) بأوصاف الدم وخصوصياته المنوعة له والا فالمرئة لم تكن عارفة بان أحد القسمين حيض والاخر استحاضة كمالا يخفى على من تأمل في سؤالها بل اعترفت بجهلها بكون ما تريها حيضا أو دما اخر في الرواية الأولى وفي الرواية الثانية زعمت كون الجميع حيضا فسئلت عن حكمه فقالت ما تقول في المرأة تحيض فتجوز أيام حيضها وكيف كان فقد أشرنا إلى أن وجه عدم الاعتناء بسائر الاحتمالات بحسب الظاهر هو الاعتماد على أصالة السلامة القاضية بكون الدم حيضا فيختص مورده بما إذا جرى هذا الأصل بان لم يكن الاحتمال ناشيا من علة محققة والا فيرجع في تشخيص أحد المحتملين إلى الطرق المنصوصة ككونه في أيام العادة أو بأوصاف الحيض أو خروج القطنة منغمسة أو غيرها من الطرق التعبدية مقتصرا في الرجوع إليها على موارد النصوص كما عرفت وجهه سابقا ويحتمل قويا ان يكون وجه اعتبار قاعدة الامكان لدى العرف والعقلاء الغلبة وعلى هذا التقدير أيضا لا يرجع إليها الا في الموارد الخالية عن امارة مقتضية لخلافها كما لا يخفى وجهه واما مع وجود ما يقتضى خلافها فالحكم ما عرفت من الرجوع إلى الطرق التعبدية ومع فقدها فالمرجع استصحاب الحالة السابقة من الطهارة أو الحيض والاحتياط ممالا ينبغي تركه على كل حال والله العالم بحقايق احكامه * (وتصير) * المرأة ذات عادة بان ترى الدم دفعة ثم ينقطع أقل الطهر فصاعدا ثم تراه ثانيا بمثل تلك العدة بلا خلاف فيه بل في الجواهر وغيره دعوى الاجماع عليه نقلا وتحصيلا خلافا لما حكى عن بعض العامة من أنها تصير ذات عادة بمرة واحدة وربما نقل عن بعض أصحابنا موافقته وفيه مالا يخفى بعد مخالفته للاجماع وصريح النصوص الآتية وربما نوقش فيه بمخالفته لمبدء اشتقاق العادة فإنها من العود ويمكن التفصي عنها بان المراد من كونها ذات عادة كونها عارفة بمقدار ما يقتضيه طبيعتها من قذف الدم بحسب استعداد مزاجها ويستكشف ذلك استكشافا ظنيا برؤيتها مرة واحدة فتأمل وكيف كان فلا شبهة في بطلانه بعد مخالفته للنص والفتوى ويدل على صيرورتها ذات عادة برؤية الدم مرتين بالتفصيل المتقدم مضافا إلى الاجماع موثقة سماعة المتقدمة قال فيها فإذا اتفق شهر ان عدة أيام سواء فتلك أيامها ومرسلة يونس الطويلة التي سيأتي نقلها بطولها في بيان أقسام المستحاضة [انش] وفيها وان انقطع الدم في أقل من سبع أو أكثر من سبع فإنها تغتسل ساعة ترى الطهر وتصلى فلا تزال كذلك حتى تنظر ما يكون في الشهر الثاني فان انقطع الدم لوقته من الشهر الأولى حتى توالى عليها حيضتان أو ثلث فقد علم الآن ان ذلك قد صار لها وقتا وخلقا معروفا تعمل عليه وتدع ما سواه وتكون سنتها فيما يستقبل ان استحاضت فقد صارت سنة إلى أن تجلس أقرائها وانما جعل الوقت ان توالى عليها حيضتان أو ثلث لقول رسول الله صلى الله عليه وآله للتي تعرف أيامها دعى الصلاة أيام أقرائك فعلمنا انه لم يجعل القرء الواحد سنة لها فيقول لها دعى الصلاة أيام قرئك ولكن سن لها الأقراء وأدناه حيضتان فصاعدا الحديث وهي كما تريها تدل على أن المرأة تصير عارفة بوقتها وخلقها إذا توالى عليها حيضتان متساويتان من حيث الوقت والعدد بان رأت مثلا في أول الشهر الأول سبعة وفي أول الشهر الثاني أيضا كذلك وتقييد الحيضتين في الرواية وكذا في موثقة سماعة بكونهما في شهرين بحسب الظاهر على ما يشهد به سوق قوله (ع) تنظر إلى ما يكون في الشهر الثاني انما هو للجرى مجرى المتعارف فكما أن المرأة تعلم وقتها وخلقها بما لو رأت الدم في الشهر الثاني مثل ما رأته في الشهر الأول كذلك تعلم وقتها وخلقها بما لو لم تر الدم في الشهر الثاني ورأته في الشهر الثالث مثل ما رأته في الشهر الأول وقتا وعددا وكذا تعرف عددها لو رأتهما في شهر واحد كان رأت مثلا في أول الشهر أربعة وفي وسطه أيضا كذلك وتعرف وقتها أيضا لو رأت مثلهما في الشهر الثاني بل الظاهر ثبوت عادتها برؤية الدم في أول الشهر الثاني في الفرض فإنها تعرف بسبب استواء الطهرين الواقعين بين الحيضات الثلاثة وقتها أيضا كعددها وما يتوهم من أن العادة لا تستقر عرفا بمرتين وانما نلتزم في مورد النص بها تعبدا واما في سائر الموارد فلا بد من حصول الحيض مرات عديدة متوافقة حتى تستقر لها العادة عرفا مدفوع مضافا إلى مخالفته للاجماع ظاهرا أولا بما عرفت من أن التقييد على الظاهر جار مجرى الغالب فالمدار على استواء الحيضتين وقتا وعددا بل عددا فقط كما هو مقتضى اطلاق الرواية الأولى أو وقتا فقط كما سيتضح لك فيما بعد [انش] وثانيا بان سياق الروايتين يأبى عن التعبد بل ظاهرهما كون مساواة الحيضتين ضابطة لتحديد العادة العرفية التي يستكشف بها وقت الحيض وعدده وثالثا ان الأحكام المترتبة على كونها ذات عادة ليست دائرة مدار اطلاق ذات العادة عليها حتى يتوقف اثباتها على احراز الصدق العرفي أو التعبد الشرعي وانما المناط معرفتها أيام أقرائها سواء سميت ذات العادة عرفا أم لا والمراد من الأقراء نصا واجماعا ما يصدق على الحيضتين
(٢٧٣)