عادتها بطول المدة من الناسية الا انه لا تأمل في استفادة حكمها منها وان تكليفها الرجوع إلى أوصاف الدم لدلالتها على انحصار احكام المستحاضة في السنن الثلاث وقد تعذر رجوعها إلى عادتها فتعين احدى الاخر بين وقد تحقق في محله ان الرجوع إلى أوصاف الدم مقدم على الرجوع إلى السنة الثالثة وانما ترجع إليها عند فقد التميز وكيف كان فهذا اجمالا مما لا اشكال فيه وانما الاشكال فيما لو ذكرت اجمالا ان عادتها المنسية وقتا وعددا لم تكن في كل شهر أزيد من مرة فرأت بصفة الحيض مرتين أو ثلث وأمكن كون كل منها حيضا فان مقتضى اطلاق كلماتهم بل كاد ان يكون صريحا التحيض عند واجد الصفة مطلقا وهذا مع أنها تعلم من عادتها اجمالا ان حيضها لا يكون كذلك في غاية الاشكال بل يمكن ان يقال إنه يفهم من مرسلة يونس وغيرها خلافه فان المتأمل فيها لا يكاد يشك في أنها انما ترجع إلى أوصاف الدم من الجهة التي لا تعرف حيضها من حيث العادة كما هو شأنها عند نسيانها أحد الامرين من الوقت كما ستعرف والمفروض انها عرفت من عادتها ان حيضها لا يكون في شهر أزيد من مرة * (ولعل) * اطلاق الأصحاب منزل على غير هذا الفرض وان كان بعيدا والله العالم ثم إن مقتضى ظاهر المتن كصريح غيره ان المراد بالمضطربة أعم من الناسية للوقت والعدد أو الناسية لأحدهما ومن هنا ربما يستشكل في اطلاق الحكم برجوعها إلى التميز وعملها عليه إذ لا يستقيم ذلك عند مخالفة التميز لما ذكرتها من عادتها عددا عند نسيانها الوقت أو الوقت عند نسيانها العدد ولذا التجأ بعض إلى تفسير مراده برجوعها إلى التميز إذا طابق تمييزها العادة بقرينة ما ذكره من ترجيح العادة على التمييز واعترضه في المدارك بأنه لا يظهر لاعتبار التمييز [ح] فائدة قال ويمكن ان يقال باعتبار التمييز في طرف المنسي خاصة أو تخصيص المضطربة بالناسية للوقت والعدد ولعل هذا أولى انتهى وفي الجواهر بعد نقل عبارة المدارك قال لكن ينافيه تقسيم المصنف بعد ذلك المضطربة عند فقد التميز إلى الأقسام الثلاثة انتهى * (أقول) * فالأظهر ارادتها بمعناها الأعم واعتبار التميز في طرف المنسي خاصة ففائدته تعين وقت حيضها من ذلك الشهر عند موافقته للعدد المعلوم وتعين العدد المنسي في الوقت المعين فالمراد من اطلاق القول برجوع الناسية إلى التميز انما هو رجوعها إليه من حيث كونها ناسية فلو ذكرت عادتها من بعض الجهات والخصوصيات لا تعتني بأوصاف الدم من تلك الجهة وكيف كان فهذا هو الأظهر بالنظر إلى ما يستفاد من مرسلة يونس الحاصرة لاحكام المستحاضة في السنن الثلث فإنها وان انصرفت عن جملة من افراد المستحاضة الا انه يعرف حكم جميعها بالتدبر فيها فإنه (ع) بين فيها على ما نص عليه في الرواية جميع احكام المستحاضة لمن عقلها وفهمها وبين فيها كيفية الاستفادة والتدبر في كلماتهم عليهم السلام وقد أشرنا عند نقلها إلى أنه يستفاد منها بقرينة بعض فقراتها وما فيها من التعليلات وكونها مسوقة لبيان احكام المستحاضة على وجه العموم بحيث لم يدع لاحد فيها مقالا بالرأي ان السنن الثلث التي سنها النبي () انما هي احكام عامة مجعولة لجميع افراد المستحاضة على سبيل الترتب بمعنى ان تكليف المستحاضة مطلقا أولا الاخذ بعادتها في تشخيص حيضها مهما أمكن لكونها أقوى الامارات وعند التعذر اما لفقد العادة أو نسيانها حكمها الرجوع إلى الأوصاف وعند الامتناع تكليفها التحيض بستة أيام أو سبعة فيكون الرجوع إلى العادة بمنزلة رجوع المجتهد إلى الامارات المنصوبة من قبل الشارع بالخصوص والرجوع إلى الأوصاف بمنزلة الظن المطلق الثابت اعتباره بدليل الانسداد والرجوع إلى الروايات بمنزلة الأصول العملية المجعولة للمتحير ولو تأملت في الرواية حق التأمل لوجدتها كالصريحة في إفادة ما ادعيناه فيفهم منها انه لا يجوز العدول عن كل مرتبة إلى لا حقها الا إذا تعذر في حقها الرجوع إلى سابقتها بالمقدار المتعذر كما هو الشأن في العمل بالامارات المترتبة والحاصل ان الاحكام المستفادة من المرسلة انما هي احكام عامة منزلة على الجهات بإلغاء الخصوصيات وإلا فلا يمكن استفادة جميع احكام المستحاضة منها بل يبقى للرأي مجال في جملة من فروعها وهو خلاف ما صرح به في الرواية وكيف كان فرجوعها إلى التمييز مطلقا في تشخيص حيضها في الجهة التي يطلق عليها الناسية بملاحظتها أوفق بظاهر النص وفتاوى الأصحاب والله العالم * (تنبيه) * لو قصر واجد الصفة عن عددها المعلوم أو زاد عليها فليس لها رفع اليد عنها بالمرة وجعل حيضها فيما عداه على الأظهر فعليها تكميل عددها من الفاقد في صورة النقيصة واختيار ذلك العدد من الواجد عند الزيادة كما عرفت تحقيقه في حكم المبتدئة التي حكمها الرجوع إلى التميز ثم لا يخفى عليك انه لا يعقل كونها ذاكره للوقت تفصيلا ناسية لعددها وانما المتصور كونها عارفة بوقتها في الجملة اما أوله أواخره أو وسطه أو شئ منه على سبيل الاجمال وقد تقدمت الإشارة إلى أنها بالنسبة إلى القدر المتيقن من عادتها تتحيض مطلقا سواء كان الدم بصفة الحيض أم لا فهي متحيرة في امرها بالنسبة إلى أوقاتها المشكوكة التي تحتمل كونها من عادتها وبهذه الملاحظة يطلق عليها الناسية والمضطربة وانما ترجع إلى التميز وتعمل عليها في هذه الأوقات لا في الأوقات التي تعلم بدخولها في عادتها أو خروجها منها ولا تترك هذه المرأة المتحيرة التي وظيفتها الرجوع إلى التمييز إذا وجدت الدم بأوصاف الحيض الصلاة الا بعد استقرار حيضها اما بسبق حيض محقق كما لو كانت ذاكرة الأول وقتها تحيرت لنسيانها العدد أو بمضي ثلاثة أيام كغيرها من أقسام المتحيرة
(٣١٢)