عدم رفع الحدث بما يزال به الخبث ولكنك عرفت في مبحث الغسالة ان التمسك بالاجماع المحصل فضلا عن منقوله في مثل المقام لا يخلو عن اشكال فما قواه في المستند والحدائق وفاقا للمحكى عن الأردبيلي من القول بالجواز لا يخلو عن وجه * (نعم) * يمكن الاستدلال له برواية ابن سنان الآتية الدالة على عدم جواز الوضوء بالماء المستعمل في تطهير الثوب وغسل الجنابة وأشباهه بناء على كون النهى عن الوضوء تعبديا لا من حيث نجاسته لأن الماء المستعمل في الاستنجاء من أشباهه بلا شبهة وثبوت الطهارة له تعبدا لا يخرجه عن المشابهة العرفية ولكنك ستعرف المناقشة في دلالتها على المدعى * (نعم) * على القول بطهارة الغسالة [مط] يتم الاستدلال بها كما سيتضح وجهه * (وكيف) * كان فلا ينبغي الاشكال في جواز استعماله في إزالة الخبث لحصول الغسل المأمور به معه وتقييده بما عداه يحتاج إلى دليل * (و) * دعوى الانصراف عن مثل هذا الماء المفروض طهارته غير مسموعة والله العالم * (و) * الماء المستعمل في الوضوء طاهر بضرورة مذهبنا ومطهر عن الحدث والخبث اجماعا ويدل عليه مضافا إلى الأصل والاجماع الرواية الآتية وعن أبي حنيفة الحكم بنجاسته نجاسة مغلظة حتى لو كان في الثوب منه أكثر من قدر الدرهم لم تجز الصلاة به وعن أبي يوسف انه نجس نجاسة محققه فيجوز الصلاة به ولا ينبغي الالتفات إليهما وما استعمل في رفع الحدث الأكبر طاهر اجماعا ويجوز استعماله في إزالة الخبث بلا اشكال فيه للأصل والعمومات بل عن غير واحد دعوى الاجماع عليه وكذا لا اشكال بل لا خلاف في أنه يرفع الحدث ثانيا لو كان كثيرا بالغ حد الكر أو جاريا وما بحكمه بل غير واحد نقل الاجماع عليه * (و) * يدل عليه السيرة المستمرة عند المتشرعة المعلوم تحققها من صدر الشريعة كما يفصح عن ذلك السير في أسئولة السائلين عن حكم المياه المجتمعة التي يغتسل فيها الجنب الظاهرة في كونه متعارفا لديهم إلى غير ذلك من القرائن الموجبة للقطع بذلك ويدل عليه أيضا غير واحد من الاخبار التي تقدم بعضها في مبحث الكر * (منها) * صحيحة صفوان قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن الحياض التي ما بين مكة إلى المدينة تردها السباع وتلغ فيها الكلاب وتشرب منها الحمير ويغتسل فيها الجنب ويتوضأ منها قال وكم قدر الماء قال إلى نصف الساق والى الركبة فقال توضأ منه ويظهر من بعض الأخبار كراهة الاغتسال من المياه الراكدة التي يتعارف الاغتسال فيها في الحمام وغيره ففي خبر علي بن جعفر عن أبي الحسن موسى (ع) في حديث قال من اغتسل من الماء الذي اغتسل فيه فأصابه الجذام فلا يلومن الا نفسه فقلت لأبي الحسن (ع) ان أهل المدينة يقولون إن فيه شفاء من العين فقال كذبوا يغتسل فيه الجنب من الحرام والزاني والناصب الذي هو شرهما وكل من خلق ثم يكون فيه شفاء من العين ظاهرها وان كان كراهة الاغتسال مما اغتسل فيه مطلقا الا ان ذيلها بل وكذا التعليل بإصابة الجذام يشعر بان المراد منها الاغتسال من المياه المتعارفة المعدة للاستعمال التي يتوارد عليها عامة الناس على وجه يكون في استعمالها ريبة إصابة الجذام ونحوه من الأمراض المسرية التي هي حكمة الكراهة والله العالم * (و) * هل يرفع به الحدث ثانيا لو كان قليلا * (فيه) * قولان معروفان منشأهما اختلاف الاخبار وتصادم الأدلة ففيه تردد بدوي لا محالة ولكن المتأمل في مجموع الاخبار وما يقتضيه الجمع بين الأدلة لا ينبغي ان يتردد في أن الأقوى كما هو الأشهر بل المشهور بين المتأخرين جوازه حجة المانعين أمور * (منها) * رواية أحمد بن هلال عن الحسن بن محبوب عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) قال لا بأس بان يتوضأ بالماء المستعمل فقال الماء الذي يغسل به الثوب أو يغتسل به الرجل من الجنابة لا يجوز ان يتوضأ منه وأشباهه واما الذي يتوضأ الرجل به فيغسل وجهه ويده في شئ نظيف فلا بأس ان يأخذه غيره ويتوضأ به * (و) * نوقش فيها بضعف السند لاشتماله على أحمد بن هلال الذي روى اللعن عليه من العسكري (ع) وقد أكثروا في الطعن عليه برميه إلى الغلو تارة والنصب أخرى قال شيخنا المرتضى [قده] وبعد ما بين المذهبين لعله يشهد بأنه لم يكن له مذهب رأسا ولكنه قده ذكر قرائن كثيرة موجبة للاطمئنان بصدق الرواية ويظهر من الفريد البهبهاني في حاشيته على المدارك أيضا الاعتماد عليها فالمناقشة فيها ممن يعمل بالروايات الموثوق بها مشكلة جدا ولكن للتأمل في دلالتها مجال لغلبة اشتمال بدن الجنب على النجاسة كما يشهد به العادة خصوصا في تلك الأزمنة والأمكنة مضافا إلى شهادة الروايات الواردة في كيفية غسل الجنابة بذلك فيقوى بها احتمال ورودها مورد الغالب هذا مع أن المتتبع في الاخبار التي وقع فيها السؤال عن حكم الماء الذي يغتسل فيه الجنب والأجوبة الصادرة عن الأئمة عليهم السلام لا يكاد يرتاب في أن جميعها ناظرة إلى نجاسة الماء وطهارته وان الرخصة في التوضي منه أو شربه مثلا لم تكن الا لبيان طهارته والنهى عن التوضي أو الشرب لم يكن الا لبيان نجاسته واما احتمال عدم جواز استعماله في التطهير تعبدا لم يكن يخطر في أذهانهم ابدا الا ترى أنه حين سئل في غير واحد من الاخبار عن مجمع ماء ترد فيه السباع وتلغ فيه الكلاب ويغتسل منه الجنب اجابه بقوله (ع) إذا كان الماء قدر كر لا ينجسه شئ وفي غير واحد من الاخبار سئل الرواة عن الثوب الذي يصيبه الماء المستعمل في غسل الجنابة فأجابوهم بنفي البأس * (وفي) * صحيحة ابن مسلم الآتية في أدلة المختار بعد أن سئله عن الحمام يغتسل فيه الجنب اغتسل من مائه قال نعم لا بأس ان يغتسل منه الجنب ولقد اغتسلت فيه وجئت فغسلت رجلي وما غسلت رجلي الا مما لزق بهما من التراب إلى غير ذلك من الاخبار التي يستفاد منها انه لم يكن ملحوظا لديهم الا جهة نجاسته ومن أراد مزيد اطلاع
(٦٧)