وكفاية في رفع اليد عن ظهور قوله (ع) الوضوء مثنى مثنى فلا يجوز تكراره بقصد المشروعية واما وضوئه فلا يبطل بذلك إن لم يجعله في ابتداء النية قيدا للمنوى نعم يشكل ذلك مطلقا لو اعتبرنا في المسح كونه ببقية نداوة خصوص اليد مع الاختيار إذا ابتل يده الماسحة ببلل الممسوح ثم مسح بها رجله ولكنك عرفت قوة القول بخلافه وان كان أحوط والله العالم * (المسألة الرابعة) * يجزى في امتثال الامر بالغسل ما يسمى به في العرف غاسلا بان يستولى الماء على العضو بحيث ينقل من جزء منه إلى آخر ولو كان ذلك بإعانة اليد مثل الذهن فيكفي ايصال الماء إلى المغسول ولو بوضع كفه في الماء واخراجها منه من دون اعتراف وامرارها على المحل المغسول بحيث لا تنفصل غسالته عن المحل فيجرى على الأرض ويتلف كما هو الشأن في الذهن فوجه الشبه قلة الماء وعدم ضياعه وتلفه لا كونه كالذهن في كفاية المسح وعدم وجوب الغسل كما قد يتوهم والا لحصل التنافي بين صدر العبارة وذيلها إذ لا يحصل مسمى الغسل الا بإحاطة الماء على المغسول وجريانه في الجملة بمعنى انتقاله من جزء إلى جزء آخر ولو بالقوة لان الجريان والإحاطة في الجملة مأخوذ في مفهومه على ما يتبادر منه لغة وعرفا كما صرح به جمع من العلماء ناسبين ذلك إلى المشهور بل المجمع عليه مستشهدين بتصريح اللغويين بذلك هذا مع أن اعتبار كون غسل الوجه واليدين بالماء المطلق مما لا شبهة فيه فلا ينبغي التأمل في عدم كفاية مسح الوجه باليد الندية في حصول مسماه عرفا حيث إن مجرد النداوة لا يطلق عليه الماء في العرف بل هي كالبخار مفهوم مغاير فالغسل بالماء انما يتحقق إذا كان ما في اليد الغاسلة مصداقا للماء في العرف وهذا لا ينفك عن الإحاطة والجريان المعتبر في مهية الغسل وعلى ما وجهنا به عبارة المصنف [ره] ينزل اخبار الباب كصحيحة زرارة ومحمد بن مسلم ان الوضوء حد من حدود الله ليعلم الله من يطيعه ومن يعصيه وان المؤمن لا ينجسه شئ وانما يكفيه مثل الدهن وموثقة إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام ان عليا عليه السلام كان يقول الغسل من الجنابة والوضوء يجزى من الماء ما اجزى من الدهن الذي يبل الجسد وفي بعض النسخ ما اجرى بالراء المهملة وفي رواية محمد بن مسلم يأخذ أحدكم الراحة من الدهن والماء أوسع من ذلك وموثقة زرارة في غسل الجنابة افض على رأسك ثلاث اكف وعلى يمينك ويسارك انما يكفيك مثل الدهن فلا ينافيها اعتبار وفور البلة الواصلة إلى المغسول بحيث تقبل الانتقال من عضو إلى عضو آخر تحقيقا لمهية الغسل المأمور بها ولا يصح تنزيل مثل هذه الأخبار على إرادة كفاية التمسح باليد الندية برطوبة مسرية بان يكون هذا هو الوجه في التشبيه لا قلة الماء وامساس البدن له من دونه انفصاله عنه لا لمجرد دعوى ظهور الاخبار في إرادة التشبيه من حيث قلة الماء وعدم انفصاله عن المحل المغسول كما يعتبر ذلك في إزالة النجاسة والقذارات الصورية ولا لدعوى أن ارتكاز وجوب الغسل في الذهن يوجب انصراف الذهن عند استماع هذه الروايات إلى ما يحصل به أقل مسمى الغسل ولا لدعوى أن الأذهان على الوجه المتعارف لا ينفك غالبا عن هذا المقدار من الجرى المعتبر في صدق المسمى وصحة الوضوء وان كان كل منها لا يخلو عن وجه بل لمعارضتها على هذا التقدير ظاهر الكتاب والسنة والاجماع بل صريحها لان الأدلة بأسرها ناطقة بان وظيفة الوجه واليدين هو الغسل دون المسح ودعوى أن اخبار الباب على تقدير تسليم دلالتها على كفاية المسح برطوبة مسرية حاكمة على جميع الأدلة لأنها مبينة لما أريد من الغسل المأمور به في الكتاب والسنة فيجب تقديمها عليها فاسدة جدا لان حكومتها على سائر الأدلة فرع صلاحية سائر الأدلة لان يفسر بها ومن المعلوم ان الغسل في الكتاب والسنة حيث جعل قسيما للمسح لا يصلح لان يفسر بما يعم المسح كما لا يصلح ان يفسر المسح بما يعم الغسل ولا ينافي هذا ما تقدم منا من أن الجريان الحاصل في ضمن المسح الموجب لحصول الغسل تبعا للمسح غير مضر في حصول امتثال الامر بالمسح الذي قصده أصالة لما عرفت في محله من أن حصولهما بفعل واحد لا يمنع من مغائرتهما ذاتا لا ان الغسل يجزى عن المسح وهذا بخلاف ما نحن فيه فان مقتضى جعل وجه الشبه نفس التي كفاية مهية المسح عن الغسل وهو يناقض صريح الأدلة الثلاثة فتعين ان يكون التشبيه من حيث قلة الماء الذي يستعمله أو من حيث كفاية الماء القليل الباقي عن المغسول بعد الغسل فيكون الغرض بيان كفاية ايصال الماء إلى الأعضاء ولو لم ينفصل عنها كما في الذهن وهذا لا ينافي اعتبار الجريان بمعنى انتقال الماء من جزء إلى آخر في مفهوم الغسل المعتبر في الوضوء وعدم كفاية المسح نعم لو قلنا بان المتبادر من الغسل وضعا أو اطلاقا انما هو اجراء الماء على العضو بحيث ينفصل غسالته ويجرى على الأرض مثلا لامثل الدهن الذي لا يتحقق فيه جريان الماء الا في نفس المغسول فلا بد من تعميم موضوع أوامر الغسل بما يعم هذا الفرد اما بدعوى كونه هو الفرد الخفي الذي بينه الشارع كما هو الظاهر أو لما أشرنا إليه من حكومة هذه الأخبار على غيرها من الأدلة حيث إنها تدل بالالتزام على أن المراد من الغسل المأمور به ايصال الماء إلى البدن ولو على وجه لا ينفصل عنه غسالته فلا يعارضها شئ من الأدلة ولا يعتبر في حصول الغسل لذلك وامرار اليد على المغسول بل يكفي ايصال الماء إليه ولو بغمسه في الماء أو إفاضة الماء عليه من دون امرار كما أنه لا يعتبر الجريان الفعلي في حصوله لقوله (ع) في صحيحة زرارة في الوضوء إذا مس
(١٨١)