من ذلك [ح] ان الرواح إلى المسجد ونحوه من المقدمات القريبة للفعل ممالا بأس به بل لا يبعد ان يكون من هذا القبيل انتظارها للجماعة لكن الاحتياط بالنسبة إلى مثل هذه الأمور ممالا ينبغي تركه والله العالم * (الأمر الثالث) * صرح غير واحد بأنه يجب على المستحاضة الاستخبار بادخال القطنة وتعرف حال الدم من كونها قليلة أو كثيرة أو متوسطة ويمكن ان يوجه بناء على إناطة احكام المستحاضة على مقدار الدم قلة وكثرة لا على ظهوره على القطنة فعلا وعدمه بأنه من الموضوعات التي لا يمكن معرفتها غالبا الا بالاختبار فلو عمل المكلف فيها بالأصل من دون فحص لوقع غالبا في محذور مخالفة التكليف لكن للتأمل في وجوب الفحص في مثل المقام بعد تسليم المقدمات مع كون الشبهة موضوعية مجال وما يتوهم من اختصاص دليل العمل بالأصول قبل الفحص بغير مثل المقام فإنه إن كان مدركه العقل فالعقل لا يعذر الجاهل المقصر في مثل المقام بل في مطلق الشبهات الموضوعية خصوصا الوجوبية منها كالحكمية مع التمكن من الاستعلام وان كان الاجماع فلا يعم مثل الفرض الذي نصوا فيه بالوجوب بل يظهر من غير واحد وجوب الفحص في الشبهات الوجوبية مطلقا وان كان الاخبار فيمكن دعوى انصرافها عن مثل الفرض * (مدفوع) * بعدم الفرق في الشبهات الموضوعية بين مواردها في عدم وجوب الفحص كما تقرر في محله وكفى نقضا في المقام جواز استصحاب الحدث والخبث والطهارة منهما بلا فحص من دون فرق بين مجاريها بالضرورة وقد يوجه عدم جواز العمل بالأصل في المقام بثبوت العلم الاجمالي بحدوث امر مردد بين ان يكون اثره خصوص الوضوء أو مع الغسل أو خصوص الغسل على الخلاف فيجب اما الاحتياط أو تعرف ذلك الامر * (وفيه) * انه مع امكان معرفة ذلك الامر باستصحاب القلة أو الكثرة لا يبقى لذلك العلم الاجمالي اثر أعني وجوب الاحتياط * (نعم) * كون اثره مرددا بين الأقل والأكثر لا يجدي في مثل المقام من حيث جريان أصل البراءة بالنسبة إلى الكلفة الزائدة بان يقال تأثير ذلك الامر في ايجاب الوضوء معلوم وفي ايجاب الغسل مشكوك والأصل براءة الذمة عند لأن استصحاب الحدث بل قاعدة الاشتغال بالنسبة إلى احراز الطهور مقدمة للصلاة حاكمة على أصل البراءة لكن يجدى في سلامة استصحاب طهارتها عن الحدث الأكبر واستصحاب عدم حدوث موجب الغسل من معارضة استصحاب طهارتها عن الحدث الأصغر وأصالة عدم حدوث سبب الوضوء كمالا يخفى * (وبهذا) * ظهر لك ان منع جريان استصحاب قلة الدم أو كثرته بناء على عدم جريان الاستصحاب في مثله من الأمور التدريجية لا يجدي في ايجاب الفحص بناء على كون المسبب من قبيل الأقل والأكثر فان المرجع [ح] إلى أصالة الطهارة عن الحدث الأكبر وأصالة عدم حدوث موجبه نعم يجدى على القول بكون الأثر من قبيل المتباينين وتمام الكلام في الأصول فظهر لك ان القول بوجوب الفحص لا يخلو عن اشكال خصوصا على ما استظهرناه من الاخبار من إناطة الحكم بظهور الدم وعدمه فإنه على هذا التقدير من الموضوعات التي قلما يشتبه مصاديقها وعلى تقدير القول بوجوب الفحص لو تركته واتت بتكليفها على ما هو عليه بان صادف المأتي به للواقع من دون اخلال فيه لقصد القربة ونحوه برئت ذمتها عن ذلك التكليف جزما إذ ليس وجوب الفحص وتعرف حالها على تقدير الالتزام به الا مقدمة للعلم بتكليفها لا شرطا في مهية المكلف به فلا يؤثر الاخلال به من حيث هو بطلان المأمور به كما هو ظاهر والله العالم * (الأمر الرابع) * قال في الجواهر يجب على المستحاضة الاستظهار في منع خروج الدم بحسب الامكان كما إذا لم تتضرر بحبسه بحشو الفرج بقطن أو غيره بعد غسله فان انحبس والا فبالتلجم والاستثفار بان تشد وسطها بتكة مثلا وبأخذ خرقة مشقوقة الراسين تجعل أحدهما قدامها والاخر خلفها وتشدها بالتكة كما هو صريح جماعة وظاهر آخرين بل لم أجد فيه خلافا انتهى * (أقول) * اما على ما استفدناه من الاخبار من كون ظهور الدم حدثا أكبر موجبا للغسل وعدم العفو عنه الا فيما تعذر استمساكه أو تعسر عادة فوجهه ظاهر بل مقتضاه الاستظهار في أثناء الغسل أيضا كما عن بعض التصريح به واما على المشهور من عدم إناطة الحكم بذلك فقد عللوه بوجوه كثيرة لا يخلو بعضها عن تأمل وعمدتها الأخبار الكثيرة الامرة بذلك وما في بعضها من الامر باستدخال القطنة والتلجم ونحو ذلك جار مجرى العادة لا لخصوصية فيها بحيث لو حصل الاستيثاق بما يفيد فائدتها لم يجز عنها كما هو الظاهر المتبادر عرفا من الامر بمثل هذه الأشياء في مثل هذه الموارد كما يؤيده الامر بمطلق الاستيثاق في بعض الروايات ثم إن ما في رواية الحلبي من الامر بالاستذفار المفسر في اخر الرواية بان تتطيب وتستجمر بالدخنة ونحو ذلك وكذا ما في بعض الأخبار الأخر من الأمور التي لا تعرض لذكرها في سائر الأخبار الواردة في مقام البيان مع كثرتها مثل ترك التحني أي الاختضاب بالحناء أو التحيي أي الصلاة تحية كما أنهما من محتملات رواية عمار المضطرب مثلها محمول على الاستحباب جزما وكذا الامر بضم الفخذين كما في بعض الروايات ويمكن حمله على ما إذا توقف التوقي عليه والله العالم * (الأمر الخامس) * قد ظهر لك فيما تقدم ان دم الاستحاضة حدث مطلقا فما لم يظهر على القطنة فهو حدث أصغر وان ظهر فحدث أكبر فلا يشرع لها الاتيان بشئ من الغايات المشروطة بالطهور مطلقا كالصلاة والطواف ومس كتابة القران وما يلحق بها الا بعد رفع اثره حقيقة أو حكما بفعل الوضوء أو الغسل وحيث إن رفع اثره حقيقة ما دام استمرار الحدث غير ممكن حتى
(٣٢٦)