استشكل في الحاق الفرس والبقرة بالحمار وقرب الحاقهما بما لا نص فيه قال فيما حكى عنه بعد أن ذكر الفرس والبقرة ونسب الحاقهما بالحمار إلى المشايخ الثلاثة وطالبهم بدليل الالحاق فان احتجوا برواية ابن سعيد قلنا هي مقصورة على الحمار والبغل فان قالوا هما مثلهما في العظم طالبناهم بدليل التخطي إلى المماثل من أين عرفوه ولو ساغ البناء على المماثلة في العظم لكانت البقرة كالثور ولكان الجاموس كالجمل وربما كان الفرس في عظم الجمل ثم قال ومن المقلدة من لو طالبته بدليل المسألة لادعى الاجماع لوجوده في الكتب الثلاثة وهو غلط وجهالة إن لم يكن تجاهلا فالأوجه ان يجعل الفرس والبقرة في قسم ما لم يتناوله نص على الخصوص انتهى واعترض عليه بظهور رواية ابن سعيد في كون الحيوانات المذكورة فيها من قبيل الأمثال بشهادة قوله حتى بلغت الحمار والجمل والبغل بعد سواء له عما يقع في البئر ما بين الفارة والسنور والشاة بان مقصود السائل لم يكن الا معرفة حكم الحيوانات بترتيب جثتها فيفهم منها حكم البقرة والفرس وفيه ما عرفت من عدم جواز الاعتماد على هذا الظاهر على القول بالوجوب ولذا لم يعتمد العلماء على هذه الرواية بان يجعلوها أصلا كليا في هذا الباب مع أنه على هذا التقدير يفهم منها حكى أغلب الحيوانات بل جميعها الا ما شذ وندر كمالا يخفى واعترض عليه أيضا بدخولهما في مفهوم الدابة المنصوص على حكمها في صحيحة الفضلاء فلا وجه لالحاقهما بما لا نص فيه وفيه ما عرفت من أن من لوازم القول بالوجوب الالتزام باجمال الدلاء الواردة في الصحيحة فهي غير مجدية في عد مطلق ما يعمه لفظ الدابة مما ورد فيه النص بالخصوص إذ ليس المقصود من ورود النص فيه الا استفادة حكمه منه لا مجرد ورود نص مجمل فيه اللهم الا ان يدعى بعد الالتزام بنزح الجميع لما لا نص فيه ظهور الرواية في عدم وجوب نزح الجميع لمطلق الدابة وهذا لا ينافي اجمالها بالنسبة إلى تعيين مقدار النزح فيفهم منها اجمالا انه لا يجب للفرس والبقرة نزح الجميع فيتم القول بنزح الكر لهما بعدم القول بالفصل ان تم * (فتأمل) * وبنزح سبعين ان مات فيها انسان اجماعا كما عن الغنية والمنتهى وظاهر غيرهما ومستنده رواية عمار الساباطي قال سئل أبو عبد الله (ع) عن رجل ذبح طيرا فوقع بدمه في البئر فقال ينزح منها دلاء هذا إذا كان ذكيا فهو هكذا وما سوى ذلك مما يقع في بئر الماء فيموت فيه فأكبره الانسان ينزح منها سبعون دلوا وأقله العصفور ينزح منها دلو واحد وما سوى ذلك فيما بين هذين وعن المصنف في المعتبر ان هذه الرواية رواتها ثقات وهي معمول بها بين الأصحاب انتهى ولا يبعد ان يكون مراد الإمام (ع) من قوله (ع) أكبره الانسان ما هو أكبر بحسب الجثة فتكون الرواية منزلة على الغالب إذ وقوع مثل الجمل وأشباهه في البئر نادر فلا ينافيها وجوب نزح الجميع لها وعلى هذا يستفاد من هذه الرواية حكم كل ما يموت في البئر ولا يكون جثته أكبر من الانسان ويحتمل ان يكون المراد من قوله (ع) أكبره الانسان كونه أكبر بالنسبة إلى حكم النزح بمعنى ان مقدره أكثر من غيره لكن يضعفه عدم استفادة الأصحاب منها ذلك كما يفصح عن ذلك نزاعهم في أن الفرس والبقرة وأشباهما مما لا نص فيه فلو فهموا من هذه الرواية هذا المعنى لجعلوه أصلا متبعا في حكم كل ما يموت في البئر بحيث لا يرفع اليد عنه الا بما هو أخص منه كمالا يخفى ثم إن ظاهر الرواية كغيرها من الأخبار الواردة في بيان ما ينزح لموت سائر الحيوانات في البئر في بادي النظر اختصاص الحكم بما لو وقع فيها حيا فمات ولكنه قد أشرنا فيما سبق ان المتفاهم من مثل هذه الروايات بواسطة ما هو المغروس في الأذهان من نجاسة الميتة ليس إلا ان هذا المقدار من النزح هو الذي يقتضيه انفعال البئر بملاقاة هذا النجاسة من دون ان يكن لوقوعه حيا وذهاق روحه فيها مدخلية في الحكم فالتعبير بوقوعه في البئر وموته فيها جاري مجرى الغالب بنظير قوله تعالى وربائبكم اللاتي في حجوركم فعلى هذا لا فرق بين ما لو مات في البئر أو وقع فيها ميتا نعم يتوجه التفصيل [ح] بين المسلم والكافر لو مات فيها بخلاف ما لو وقع فيها ميتا كما عن المحقق والشهيد الثانيين فإنه لو وقع الكافر فيها حيا فمات ليس انفعال البئر مستندا إلى ميت الانسان لان البئر انفعلت قبل الموت فلا مانع [ح] عن الالتزام بوجوب نزح الجميع لو قلنا بذلك فيما لا نص فيه واما لو وقع فيها ميتا فمقدره سبعون لان الانسان يعم المسلم والكافر كما يعم الصغير والكبير والذكر والأنثى نعم لو قلنا بان الرواية مسوقة لبيان حكم ما لو وقع الانسان في البئر حيا فمات بان يكون وقوعه حيا من قيود الموضوع فالأوجه عدم التفصيل بين المسلم والكافر لعموم النص ودعوى انصرافه إلى المسلم ممنوعة وما يقال من أن وقوع الكافر وخروجه حيا يوجب نزح الجميع لكونه مما لا نص فيه فلا يجوز ان يكون موته بعد الوقوع موجبا لتقليل مقدره يتوجه عليه انه اجتهاد في مقابل النص مع أن المتجه على تقدير تسليم المدعى قلب الدليل بان يقال إنه يفهم من عموم الرواية حكم ما لو مات الكافر فيها ولا يجوز ان يكون خروجه حيا موجبا لزيادة مقدره فيخرج بذلك عن كونه ممالا نص فيه * (لا يقال) * ان الرواية مسوقة لبيان ما ينزح لأجل موته فيها فنجاسة كفره ليس إلا كنجاسة خارجية بلا صفة بثوبه أو بدنه مما لم يرد فيها نص بالخصوص كالمني لأنا نقول إن نجاسة كفره من الاعراض اللازمة لهذا الصنف فإذا عمه الدليل فكأنه نص على أنه لو وقع الكافر في البئر فمات ينزح منها سبعون دلوا وحيث إن الجهتين متلازمتان لا يصح تنزيل الحكم على ارادته من جهة دون أخرى نظير ما لو نفى البأس عن الصلاة ناسيا في الثوب المتلطخ بخرء الكلاب فإنه لا يمكن ان يدعى ان الحكم بالصحة من جهة نجاسته لا من جهة كونه فضلة غير المأكول هذا ولكن لقائل أن يقول بوضوح الفرق بين التنصيص على حكم الفرد وبين ارادته في ضمن العالم فان اطلاق نفى البأس عن الصلاة في عذرة الكلب المنسية وإرادة نفى البأس من حيث نجاستها قبيح واما ارادته في ضمن العالم كما لو قيل لا بأس بالصلاة في النجاسة المنسية فلا قبح فيها أصلا ولتمام الكلام مقام اخر
(٣٩)