الصدق بحسب الظاهر كون المنبع مستعدا للجري استعدادا ذاتيا كما في الجاري أو عرضيا كما في مادة الحمام فتأمل * (ويؤيده) * أيضا عدم معروفية الخلاف في تقوى السافل بالعالي الكر بل عن غير واحد دعوى الاتفاق عليه بل يظهر من بعض كونه من المسلمات عندهم وكيف كان فلا ينبغي الاشكال في ذلك وانما الاشكال في كفاية بلوغ المجموع كرا حيث إن هذه الأدلة قاصرة عن اثباتها فلا بدله من دليل اخر وسيتضح لك تحقيقه في مبحث الكر [انش] فتحصل لك ان الأقوى انه لا خصوصية لماء الحمام تقتضي افراده بالذكر الا متابعة النص والله العالم واعلم أن الماء مطلقا جاريا كان أم غير جار لو مازجه جسم طاهر فغيره عما هو عليه من الأوصاف أو تغير من قبل نفسه لم يخرج عن كونه مطهرا ما دام اطلاق اسم الماء باقيا عليه بلا اشكال ولا خلاف ويدل عليه مضافا إلى الأصل والاجماع اطلاقات الأدلة واما الماء المحقون أي المحبوس المراد به ما يعم السائل لا عن نبع في مقابل الجاري وما بحكمه وماء البئر فما كان منه دون مقدار الكر الذي ستعرفه [انش] فإنه ينجس بملاقاة النجاسة والمتنجس على المشهور بل عن الشيخ والشهيدين وجملة من أساطين علمائنا دعوى الاجماع عليه مستثنيا بعضهم ابن أبي عقيل * (ويدل) * عليه الأخبار المستفيضة بل المتواترة على ما قيل * (وفي) * الرياض انه قد جمع بعض الأصحاب منها مأتي حديث وفي طهارة شيخنا المرتضى [ره] قيل إنها تبلغ ثلاث مائة منها صحيحة إسماعيل بن جابر قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن الماء الذي لا ينجسه شئ قال كر قلت وما الكر الخبر وفي مصححة أخرى له عن الماء الذي لا ينجسه شئ قال ذراعان عمقه في ذراع وشبر سعته فإنه يستفاد منهما ان انقسام الماء إلى ما ينفعل والى مالا ينفعل كان مركوزا في أذهان الرواة * (ومنها) * الأخبار المستفيضة المشتملة على قوله (ع) إذا كان الماء قدر كر لا ينجسه شئ والمناقشة في دلالتها على العموم بما مر غير ضائر لما نحن بصدده في المقام ومنها الواردة صحيحة البقباق في سؤر الكلب قال (ع) انه رجس نجس لا تتوضأ بفضله واصبب ذلك الماء واغسله بالتراب أول مرة ثم بالماء * (وصحيحة) * علي بن جعفر في خنزير يشرب من اناء قال يغسل سبع مرات وصحيحة محمد بن مسلم عن الكلب يشرب من الاناء قال اغسل الاناء وصحيحة البزنطي سئلت أبا الحسن (ع) عن الرجل يدخل يده في الاناء وهي قذرة قال يكفي الاناء وصحيحة ابن مسكان عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) عن الرجل الجنب يجعل الركوة أو التور فيدخل إصبعه فيه فقال إن كانت يده قذرة فليهريقه وان كان لم يصبها فذر فليغتسل منه هذا مما قال الله عز وجل " ما جعل عليكم في الدين من حرج " إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة التي سيجئ التعرض لذكر بعضها ولا يخفى على المتأمل فيها انه يستفاد من مجموعها استفادة قطعية ان الماء في الجملة قابل للانفعال بشئ من النجاسات ولو مثل الخمر والنبيذ وولوغ الكلب والخنزير فلا حاجة إلى اطناب الكلام في مقابل من يقول بالسلب الكلى استنادا إلى استبعادات ضعيفة كما سنشير إليها [انش] وعمومات قابلة للتخصيص مثل قوله خلق الله الماء طهورا لا ينجسه شئ واطلاقات منصرف أغلبها في حد ذاتها عن الماء القليل كالاخبار البالغة من الكثرة نهايتها الواردة في حكم الماء الغدير والنقيع الذي يمر به المسافر في أثناء الطريق أو يكون في ناحية القرية تردها الكلاب والسباع أو فيه جيفة أو يغتسل فيه الجنب ويستنجي فيه الانسان ومن المعلوم ان ما كان هذا شانه من الغدران يزيد مائه غالبا عن اضعاف الكر فلا مجال لتوهم القلة فيها حتى يكون ترك الاستفصال في مثله مفيدا للعموم مع أنها على تقديره قابلة للتخصيص كغيرها من المطلقات النافية للبأس أظهرها دلالة حسنة محمد بن ميسر قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن الرجل الجنب ينتهى إلى الماء القليل في الطريق ويريد ان يغتسل منه وليس معه اناء يغترف به ويداه قذرتان فان يضع يده ويتوضأ ثم يغتسل هذا مما قال الله [تعالى] ليس " عليكم في الدين من خرج " * (وفيه) * بعد منع الحقيقة الشرعية في القليل انها مطلقة قابلة للتقييد خصوصا بعد ملاحظة ان أغلب المياه التي ينتهى إليه في الطريق اما ذو مادة أو مياه الغدران التي قلما تكون أقل من كر فتسميتها قليلا ربما يكون بالإضافة إلى المياه التي يمكن الارتماس فيها وان أبيت إلا عن ظهورها في الماء القليل الذي لم يبلغ الكر فلا بد من طرحها لقصورها عن مكافئة الأخبار المتقدمة التي لا يضرها خصوصية المورد في أكثرها بعد عدم القول بالفصل هذا مع أن الامر بالتوضي مع غسل الجنابة مما يقرب حملها على التقية كما في الوسائل اللهم الا ان يراد به معناه اللغوي وهو التنظيف وأمره به لكونه مقدمة للغسل هذا ولكن الانصاف ظهور الحسنة في إرادة الماء القليل وحكومتها على أدلة الانفعال فإنه لو كان موردها الكر لم يكن هذا مما قال الله تعالى " ليس عليكم في الدين من حرج " بل كان مما ورد فيه أن الماء إذا كان كرا لا ينجسه شئ فالرواية بمدلولها اللفظي تدل على أن موردها مما كان من شانه الانفعال ووجوب التحرز عنه ولكنه رفع عنه هذا الحكم لمكان الضرورة والحرج وهي حاكمة على الأدلة المطلقة الدالة على الانفعال ومقتضاها التفصيل بين حالتي الاختيار والضرورة فحالها حال رواية قرب الإسناد الآتية وستعرف الجواب عنها ومما يستدل به لابن أبي عقيل القائل بعدم انفعال الماء القليل بملاقاة النجاسة اخبار خاصة معارضة في خصوص موردها بما هو أقوى دلالة وأكثر عددا وأرجح سندا واعتضادا بعمل الأصحاب منها ما عن قرب الإسناد وكتاب المسائل لعلي بن جعفر قال سئلت عن جنب أصاب يده جنابة فمسحه بخرقة ثم ادخل يده في غسله قبل أن يغسلها هل يجزيه ان يغتسل من ذلك الماء قال إن وجد ماء غيره فلا يجزيه ان يغتسل وإن لم يجد غيره أجزأه ويعارض كالخبر السابق في خصوص موردهما الأخبار المستفيضة الدالة على عدم جواز الاغتسال إذا ادخل الجنب يده القذرة الاناء مثل رواية شهاب ابن عبد ربه عن أبي عبد الله (ع) عن الرجل الجنب يسهو فيغمس يده في الاناء قبل أن يغسلها قال لا بأس إذا لم يكن أصاب يده شئ وموثقة سماعة إذا أدخلت
(١٥)