مرسلة يونس التي أوضحنا في محله عمومها والله العالم * (وهل) * تتخير في العدد بين وضعه فيما تشاء من الشهر كما عن جماعة بل في الحدائق نسبته إلى الأصحاب أم يتعين عليها وضعه في أول الشهر كما عن التذكرة وكاشف اللثام وبعض آخر قولان والحق انه ان أراد القائل بتعين كونه في أول الشهر انه يجب عليها التحيص من أول كل دورة بان تتحيض في الدورة الثانية مثلا بعد أن انقضى من يوم رأت الدم المستمر شهر فلا يخلو من وجه بل هذا هو المتجه وان أراد من أول الشهر ما كان أوله من عند رؤية الهلال فلا دليل عليه بل ربما يمتنع ذلك كما لو كان ابتداء رؤيتها للدم في أواخر الشهر الأول بحيث لا يتخلل بين أقل الحيض منه ومن أول الشهر الثاني بأقل الطهر فان الأظهر بل المتيقن انه يجب عليها في أول الرؤية ان تتحيض إلى العاشر كما يدل عليه مضافا إلى الاجماع وقاعدة الامكان النصوص الكثيرة التي منها موثقتا ابن بكير المتقدمتان ثم إنه بعد أن تجاوز دمها العاشر فان صادف المتجاوز عادة أو امارة مرشدة إلى كون المتجاوز حيضا كشف ذلك عن عدم كون ما تحيض به حيضا وإلا فلا مقتضى لرفع اليد عما ثبت عليها بمقتضى تكليفها الظاهري حيث لم ينكشف خلافه بل الأدلة قاضية بخلافه فإنها انها تصير مستحاضة بعد أن تجاوز دمها العاشر [و ح] تندرج في موضوع قوله (ع) تحيضي في كل شهر ستا أو سبعا إذ لم يكن سؤال خمسة بالنسبة إلى العشرة الأولى وانما سئلت عن حكمها بعد أن استمر بها الدم على لون واحد وصارت مستحاضة واما موثقتا ابن بكير فهما صريحتان في أنها تترك الصلاة من أول ما رأت الدم عشرة أيام ثم تصلى عشرين يوما كما في الموثقة الأولى وبقية شهرها كما في الثانية وليس المراد من شهرها الا الشهر الذي أوله من يوم رأت الدم فينطبق على الموثقة الأولى ثم تترك الصلاة ثلاثة أيام بمقتضى هاتين الموثقتين وليس في شئ منهما ولا في غيرهما من الاخبار اشعار فضلا عن الدلالة بان العشرة الأولى التي جلست فيها عن الصلاة لم تكن حائضا وان لها رفع اليد عما بنت عليها وجعل حيضها فيما عداها من بقية الشهر وعلى تقدير عموم حكم المستحاضة بالنسبة إلى العشرة الأولى فلا معنى له الا ان لها الخيار في أن تختار العدد من العشرة التي تحيض بها لا ان لها رفع اليد وجعل حيضها فيما عداها كيف والا لجاز لها ترك العبادات من الصلاة والصوم في جميع الشهر بأن تتحيض أياما ثم ترفع اليد عنها وتجعل حيضها فيما عداها وهكذا إلى أن ينقضي شهرها وهو واضح الضعف مخالف لظواهر جميع النصوص بل صريحها وقد سمعت التنصيص في الموثقتين على أنها تترك الصلاة في العشرة الأولى ثم تصلى بقية شهرها ثم تترك الصلاة في ابتداء الشهر الثاني فيعرف من ذلك أن ابتداء حيضها من الشهر الأول أيضا لم يكن الا من أول ما رأت الدم فعلى تقدير عموم احكام المستحاضة له ليس لها الا اختيار العدد من أول الشهر وبهذا يقيد اطلاق مرسلة يونس الامرة بتحيضها في كل شهر ستا أو سبعا لو لم نقل بانصرافها إلى ذلك أي اختيار حيضها من أول الدورة وطهرها عقيبه هذا مع امكان دعوى ورود المرسلة ونحوها لبيان حكم آخر فليس لها ظهور في الاطلاق فظهر لك مما ذكرنا ضعف القول بان لها الخيار في وضع حيضها متى شاءت واضعف منه توهم ان لها رفع اليد بعد تحيضها خصوصا بعد انقضاء جميع المدة التي لم يبق عنده الامر بالتحيض لحصول الامتثال وحيث إن الأقوى هو القول بالتعيين فلا مجال للنزاع في وجوب موافقة الشهر الثاني للشهر الأول في الوقت كما عن جماعة التصريح به وعدمه كما عن بعض احتماله وعن اخر ترجيحه كمالا يخفى ثم إن مقتضى اطلاق الأدلة تخييرها في العدد في جميع الأدوار لا في خصوص الدورة الأولى نعم لو حكمنا بالتخيير لأجل تكافؤ الاخبار لا للجمع بينها فربما يقال بأنه عند العمل ببعضها يرتفع التخيير فيختص بالدورة الأولى لكن فيه كلام تنقيحه في محله والله العالم وذات العادة تجعل عادتها حيضا إذا استمر بها الدم مجاوزا للعشرة ولم يعارضها تميز نصوصا واجماعا كما في الجواهر دعواه تحصيلا ونقلا عن المعتبر والمنتهى وغيرهما وما سواء استحاضة حتى أيام الاستظهار كما تقدم تحقيقه فيما سبق فان اجتمع لها مع العادة تمييز وكانا متعارضين بان اقتضت حيضية كل منهما نفى الاخر قيل كما عن المشهور تعمل على العادة وقيل على التميز كما عن ظاهر الخلاف والمبسوط وقيل بالتخيير كما عن ظاهر الوسيلة و الأول أظهر بل هو المتعين كما عرفت فيما تقدم من أن الأوصاف انما يعتنى بها عند انتفاء العادة كما ورد التنصيص عليه في مرسلة يونس الطويلة وما يقال وجها للتخيير من الجمع بين ما دل على الرجوع إلى العادة مطلقا وما دل على اعتبار الأوصاف كذلك يدفعه حكومة بعض الأخبار الدالة على الرجوع إلى العادة على غيرها كمرسلة يونس ومصححة بن جرير الواردة في بيان أوصاف الحيض المصرحتين يتأخر مرتبة الرجوع إلى الأوصاف عن الرجوع إلى العادة بل يستفاد من المرسلة انه لو فرض امكان كون كل من واجد التميز ومصادف العادة حيضة مستقلة ولم يكن بينهما معارضة بان تخلل بينهما الفصل بأقل الطهر لا يلتفت أيضا إلى واجد الصفة بل يحكم بأنه استحاضة لما فيها من التصريح بان سنتها ليست الا ترك الصلاة أيام أقرائها ولا تلتفت إلى اقبال الدم وادباره ومعرفة ألوانه الا إذا لم يكن لها أيام معلومة وكذا يستفاد منها ومن غيرها أيضا ان وجه تقديم العادة على الأوصاف كونها أقوى الامارات فان الصفرة والكدرة في أيام الحيض حيض كلما فإذا عرفت أيامها لا تعتني بأوصاف الدم فلا فرق بين ما إذا عرفت أيامها تفصيلا وقتا وعددا بان استقرت عادتها من حيث الوقت والعدد أو عرفتها من حيث الوقت فقط أو العدد كذلك فإنها تعرف في الأول إذا كانت عادتها في أول كل شهر مثلا ان الصفرة والكدرة
(٣١٠)