لما يستقبل من الصلاة * (و) * فيه أنه لا بد من حمل هذه الرواية على الاستحباب أو على التقية ونحوها لعدم امكان الاخذ بظاهرها لاقتضائه عدم كفاية التمسح بالأحجار ووجوب إعادة الوضوء والأول مخالف للاجماع والأخبار المتقدمة في محلها بل وكذا الثاني إذ لا قائل بحسب الظاهر بوجوب إعادة الوضوء من نسيان خصوص الغائط نعم نسب إلى الصدوق في المقنع القول بإعادة الوضوء مطلقا من دون اختصاصها بالغائط فيعارضها حينئذ الأخبار المستفيضة المتقدم بعضها الدالة على أنه لا يعيد الوضوء فلا بد من حمل الامر بإعادة الوضوء في هذه الرواية وكذا في خبر سماعة المتقدمة على الاستحباب وبهذا ظهر ضعف القول المحكى عن الصدوق في الفقيه من وجوب إعادة الوضوء على من نسي غسل ذكره وربما يقال في تضعيف مستند ابن الجنيد بان الجمع بين الاخبار فرع التكافؤ الذي هو مفقود في المقام من وجوه عديدة * (وفيه) * ان الجمع بين الدليلين فرع امكانه بمقتضى الفهم العرفي بشهادة قرينة داخلية أو خارجية لا التكافؤ كما تقرر في محله الا ترى أنه يخصص الكتاب بخبر الواحد مع أنه لا مكافئة بينهما قطعا ولأجل ما ذكرنا قد يترجح في النظر حمل الامر بالإعادة في الأخبار السابقة على الاستحباب جمعا بينها وبين النافية لها بدعوى كونها من قبيل تعارض النص والظاهر فيرفع اليد عن الظاهر بالنص بشهادة العرف الا انه مع كونه مخالفا للاجماع على الظاهر فيه مواقع من الاشكال لا داعى للتعرض لها بعد وضوح ضعفه واما مستند الصدوق في التفصيل بين نسيان البول والغائط اما وجوب الإعادة في البول فللاخبار المتقدمة وترجيحها على ما يعارضها واما عدم الإعادة في الغائط فلموثقة عمار وصحيحة على المتقدمتين وقصور ما يعارضهما عن المكافئة وفيه أن اعراض الأصحاب عنهما أوهنهما فلا تكافئان موثقة سماعة الدالة على الإعادة في الغائط أيضا كالبول واشتمالها على الامر بإعادة الوضوء التي عرفت استحبابها فيما تقدم غير ضائر في دلالتها على وجوب إعادة الصلاة بعد ما عرفت من عدم امكان حمل الامر بإعادة الصلاة في الاخبار على الاستحباب والله العالم * (ثم) * لو قلنا بتكافؤ اخبار الطرفين يجب أيضا ترجيح الاخبار الامرة بالإعادة لأجل موافقتها للعمومات الدالة على أن ناسي النجاسة يعيد صلاته مطلقا اللهم الا ان يقال بابتلاء تلك العمومات أيضا بمعارض مكافئ كما سيتضح لك في محله انشاء الله أو يقال باتحاد حكم المسألتين وعدم جواز التفصيل بينهما فالعمومات أيضا كالاخبار الخاصة معارضة للأخبار النافية للإعادة فيتعين بعد الاغماض عن أن كثرتها توجب الترجيح الرجوع إلى عموم قوله (ع) لا تعاد الصلاة الا من خمسة الطهور والوقت والقبلة والركوع والسجود وعموم قوله صلى الله عليه وآله رفع عن أمتي الخطاء والنسيان ومعنى الرجوع إلى العموم ان موافقته للأخبار النافية للإعادة توجب ترجيحها لا ان المتعارضين يتساقطان فيرجع إلى ما عداهما من الأدلة لان الأصل في تعارض الخبرين التخيير لا التساقط هذا إذا قلنا بان المراد من الطهور خصوص الطهارة الحدثية وان المراد من حديث الرفع رفع مطلق الآثار واما لو قلنا باجمال الطهور واحتمال إرادة الخبيثة أيضا منه وان المراد من رواية الرفع رفع خصوص المؤاخذة فيجب الرجوع إلى عموم ما دل على أن الطهارة شرط في الصلاة مطلقا المقتضى لوجوب الإعادة في صورة النسيان فظهر لك ان ما ذهب إليه المشهور في حد ذاته هو الأقوى مع أنه أحوط والله العالم ومن جدد وضوئه المأتي به لرفع الحدث بنية الندب أو الوجوب لو عرضه بنذر وشبهه ثم صلى بعدهما وذكر بعد الصلاة اجمالا انه أخل بعضو أو شرط من احدى الطهارتين فان قلنا بعدم اعتبار قصد الوجه واتحاد مهية الوضوء المستلزم لرافعيته للحدث على تقدير صلاحية المحل كما هو الأقوى على ما سبق تحقيقه في مبحث النية ولذا اقتصرنا في صحة الوضوء على نية القربة فالطهارة والصلاة صحيحتان بلا اشكال للقطع بارتفاع حدثه بإحدى الطهارتين فتصح الصلاة الواقعة عقيبهما جزما وكذا لو قلنا باتحاد مهية الوضوء واعتبار قصد الوجه ولكنه التزمنا بكفاية الوجه الظاهري في صحة العمل واقعا وان قلنا بعدم كفايته بل لابد في الواجب من قصد وجوبه وكذا في المستحب قصد استحبابه فان قلنا بكفاية جعل الوجوب أو الاستحباب صفة للفعل وان أخطأ في وجه وجوبه أو استحبابه فالطهارة والصلاة أيضا صحيحتان على تقدير اتحاد صفة الطهارتين في الوجوب والاستحباب كما لو توضأ أولا بقصد الاستحباب لغاية مستحبة ثم جدد وضوئه بنية الندب أو توضأ أولا وجوبا ثم جدده وجوبا للوفاء بالنذر * (وان) * قلنا بعدم كفاية ذلك أيضا وأوجبنا في صحة العبادة وقوعها امتثالا للامر الخاص الذي قصد امتثاله أو قلنا بتغاير حقيقة الوضوء واعتبرنا فيما هو رافع للحدث نية الرفع أو الاستباحة أعادهما كما عن العلامة وأكثر من تأخر عنه لاستصحاب الحدث المعلوم تحققه قبل الطهارتين المقتضى لبطلان الصلاة الواقعة عقيبهما لعدم العلم بارتفاعه لاحتمال كون الاخلال في الطهارة الأولى وقد يقال إنه لا يعيد شيئا منهما لعدم العلم ببطلان الطهارة الأولى واحتمال وقوع الخلل فيها شك في الشئ بعد التجاوز عنه فلا يلتفت إليه والعلم الاجمالي بوقوع خلل في احدى الطهارتين انما يمنع من جريان أصالة الصحة إذا كان مؤثرا في تنجيز خطاب على المكلف بحيث يكون اجزاء الأصل في أطراف الشبهة موجبا لمخالفة الحكم المعلوم بالاجمال وبعبارة أخرى العلم الاجمالي انما يمنع من اجزاء الأصل فيما إذا كان كل واحد من أطراف الشبهة على وجه لو تبين تفصيلا انه مورد لعلمه الاجمالي لتنجز في حقه بسببه تكليف شرعي كما لو علم اجمالا بوقوع خلل في وضوئه الذي صلى به صلاة الصبح أو وضوئه الذي صلى به صلاة العصر فان اجزاء
(٢١٢)