غير المتمكن من تحصيل الجزم لا لعدم اعتبار قصد القربة في الصحة كيف ومن المعلوم بديهة انه لو اتى المتردد الغير المتمكن من تحصيل الجزم بالفعل لا بداعي الامر المحتمل تفسد عبادته فلنا على هذا قلب الدليل بدعوى أن قصد القربة وكون المأتي به بداعي الامر معتبر في صحة العبادة عقلا ونقلا فتوى ونصا كتابا وسنة فلو تعذر تحققه من المتردد لامتنع حصول الاختيار في كثير من الموارد وهي الموارد التي لا يعلم بصدور الامر فيها والتالي باطل بالاجماع لتصريحه [قده] برجحان الاحتياط فيها اجماعا فكذا المقدم والملازمة ظاهرة وحله ان الداعي إلى الفعل والباعث عليه في الفرض ليس إلا احتمال كونه مأمورا به ومقربا فكيف لا يكون قاصدا للقربة وامتثال الامر * (نعم) * ليس جازما بحصول الامتثال والقرب بفعله لا انه غير قاصد له وبينهما فرق بين * (واما) * ما ذكره من منع صدق بالإطاعة عرفا على فعل المتردد * (ففيه) * منع ظاهر إذ لا يعتبر في العبادة عرفا كما صرح به [قده] بعد العبارة السابقة الا اتيان المأمور به بقصد التقرب وهذا المعنى حاصل في الفرض لأن المفروض مطابقته للواقع وإن لم يكن الفاعل جازما بذلك حين العمل وقد عرفت فيما سبق ان الآتي ببعض المحتملات في المستحبات ناويا فيه الامتثال على تقدير المصادفة لا يرتاب أهل العرف في كونه مستحقا للثواب ومطيعا لامر مولاه * (نعم) * قد أشرنا إلى أن صدق الإطاعة في الواجبات على تقدير العزم على الاقتصار على بعض المحتملات لا يخلو عن خفاء لا لكونه مترددا من حيث إنه متردد ولا يمكن قصد التقرب منه بل لاختلاط الإطاعة بالتجري و صعوبة تصور استحقاق الثواب على امر واستحقاق المذمة على التجري بمخالفة ذلك الامر الشخصي في زمان واحد فتأمل * (واما) * ما يظهر منه التفصيل بين ما يتوقف احراز الواقع على تكرار العبادة وغيره فهو ما ذكره في مبحث حكم العامل بالاحتياط التارك طريقي الاجتهاد والتقليد بعد أن قسم مورد احراز الواقع بالاحتياط إلى قسمين * (أحدهما) * مالا يحتاج إلى تكرار العمل كالآتي بالسورة في صلاته احتياطا واختار فيه الصحة * (والثاني) * ما يتوقف الاحتياط فيه على تكرار العبادة ما هذا لفظه فقد يقوى في النظر أيضا جواز ترك الطريقين فيه إلى الاحتياط بتكرار العبادة بناء على عدم اعتبار نية الوجه لكن الانصاف عدم العلم بكفاية هذا النحو من الإطاعة الاجمالية وقوة احتمال اعتبار الإطاعة التفصيلية في العبادة بان يعلم المكلف حين الاشتغال بما يجب عليه انه هو الواجب عليه ولذا يعد تكرار العبادة لاحراز الواقع مع التمكن من العلم التفصيلي به أجنبيا عين سيرة المتشرعة بل من اتى بصلوات غير محصورة لاحراز شروط صلاة واحدة بان صلى في موضع تردد فيه القبلة بين أربع جهات في خمسة أثواب أحدها طاهر ساجدا على خمسة أشياء أحدها ما يصح السجود عليه مئة صلاة مع التمكن من صلاة واحدة يعلم فيها تفصيلا اجتماع الشروط الثلاثة يعد في الشرع والعرف لا عبأ بأمر المولى والفرق بين الصلوات الكثيرة وصلاتين لا يرجع إلى محصل نعم لو كان ممن لا يتمكن من العلم التفصيلي كان ذلك منه محمودا مشكورا انتهى كلامه * (أقول) * لا يخفى عليك ان محل الكلام انما هو فيما إذا كان اختيار الامتثال الاجمالي بالاحتياط لغرض عقلائي ومن المعلوم أنه على هذا الغرض لا يعد عند العقلاء لاعبا لاهيا بل الفعل منه عندهم كصورة التعذر محمود مشكور * (واما) * ما ذكره من المثال فكونه قبيحا عند العرف ليس إلا لاقدامه على ترك الأسهل وارتكاب الأصعب بلا مقتضى الا ترى الاستهجان العرفي في غير مورد التكرار أيضا في صورة التمكن عن إزالة الشبهة عن نفسه بسهولة كما لو امره المولى باكرام زيد وتردد بين جماعة فأكرم جميعهم احتياطا مع كونه متمكنا من معرفته بسهولة بل قد يعد من ترك التكرار إذا كان أسهل من تحصيل العلم لاعبا لاهيا الا ترى أنه لو امره بان يسلم على شخص فتردد بين شخصين أو اشخاص محصورة بعد أن غاب المولى عنه فلو تكلف العبد بالحضور عند المولى تحصيلا للجزم بالنية في الإطاعة يعد سفيها في العرف واما كونه أجنبيا عن سيرة المتشرعة فبعد تسليمه وجهه ما أشرنا إليه من كونه تكلف بلا مقتض في الغالب أو لكونه مخالفا لفتوى مقلديهم هذا مع أن السيرة في مثله لا تورث القطع باعتبار الإطاعة التفصيلية في العبادة كاستقرار السيرة على ترك قراءة السور الطوال في الصلاة ومجرد احتماله لا ينفع ان أريد اشتراطه شرعا وان أريد اعتباره في مهيتها عرفا ففيه ما عرفت من أن حكم العرف على خلاف والله العالم * (بقي في المقام) * شبهة لا بد من ازالتها وهي ان عمدة مقدمات الفروع المتقدمة دعوى صدق الإطاعة عرفا على مجرد ايجاد المأمور به بداعي الامر وهي قابلة للمنع لامكان ان [يق] ان الإطاعة عبارة عن اتيان المأمور به على وجه تعلق به غرض المولى بحيث يقطع بحصول غرضه وبعبارة أخرى الإطاعة عبارة عن تحصيل غرض المولى واما حكم العقلاء بحصول الإطاعة بمجرد اتيان المأمور به بداعي الامر في أوامرهم العرفية فإنما هو لأجل معلومية الغرض عندهم غالبا في هذه الموارد والا فلو علم في مورد ان عرض المولى من الامر شئ اخر وراء نفس المأمور به ولا يعلم بحصوله لا يحكمون بحصول الإطاعة بمجرد ايجاد للمأمور به بداعي الامر بل يحكمون بالعدم هذا مع أن احتمال كونها عبارة عن المعنى المذكور كاف في لزوم الاحتياط إذ ليس الشك فيما به يتحقق الا الإطاعة كالشك في اجزاء الواجب وشرائطه حتى يرجع فيه إلى البراءة ان قلنا بها فيهما لان مرجع الثاني إلى الشك في التكليف كما تقرر في محله بخلاف الأول فإنه شك في المكلف به فعلى هذا لو شك في أن غرض المولى هل هو ايجاد ذات المأمور به كما في التوصليات أو اتيانه بداعي الامر مطلقا أو بشرط كونه قاصدا لوجوبه أو وجه وجوبه جازما به حال الفعل إلى غير ذلك عن التفاصيل المحتمل اعتبارها شرعا أو عرفا يجب احرازها بحكم العقل تحصيلا للقطع بالإطاعة المعلوم وجوبها عقلا * (ويدفعها) * أولا
(١٠٥)