لا لمجرد دعوى تبادر كون أيام الحيض متوالية بل لوجوب كون مجموع الدم السائل حيضة واحدة وهذا يتوقف على استمرار الدم واتصال بعض اجزائه ببعض عرفا بحيث لا يتخلل بينها زمان معتد به والا فكل جزء بنفسه فرد مستقل لرؤية الدم فله حكمه الا ان يدل دليل تعبدي على عدم الاعتناء بالفصل وكون المجموع بنظر الشارع فردا واحدا * (وبهذا) * ظهر لك فساد الاعتراض على من يدعى تبادر اعتبار التوالي والاستمرار في أقل الحيض من هذه الأدلة بأنه لو دلت على اعتبار التوالي في أقل الحيض لدلت على اعتباره في أكثره مع أنه غير معتبر فيه اجماعا * (توضيح) * الفساد ان مفاد هذه الروايات ليس إلا ان أقل الحيض الذي هو عبارة عن رؤية الدم وسيلانه ان يمتد زمانه إلى ثلاثة أيام وأكثره ان يمتد إلى عشرة أيام فلو انقطع بعض الدم عن بعض باعتبار سيلانه يكون كل جزء جزء من الاجزاء المنقطعة فردا مستقلا لرؤية الدم فإن كان شئ منها على وجه صدق عليه انه طالت مدة خروجه ثلاثة أيام فهو الحيض دون ما عداه من الاجزاء سواء سبقه الاجزاء أم لحقه الا ان يدل دليل خارجي على وجوب ضم بعضها إلى بعض وملاحظة المدة المعينة بالنسبة إلى المجموع اما مطلقا أو في الجملة وهذا خارج من مدول هذه الأخبار والحكم بكون المرأة حائضا في مجموع عشرة أيام إذا رأت الدم فيها في الجملة وان تحلل بالنقاء فإنما هو تعبد شرعي فهي حائض حكما لا حقيقة وليس هذا المصداق الحكمي مرادا من الاخبار المبنية لزمان امكان خروج دم الحيض من حيث الطول والقصر وانما نحكم بحيضيتها لأجل الأدلة الدالة على أن عود الدم في أثناء العشرة بمنزلة استمراره واضعف من هذا الاعتراض النقض بنذر الصوم ثلاثة أيام فإنه لا يفهم منه التوالي * (وفيه) * مالا يخفى لوضوح الفرق بين تعلق النذر بعدة أفعال غير مرتبطة في الوجود وبين ما لو حدد الفعل الواحد الزماني بزمانه فان ما نحن فيه نظير ما لو أريد من الصوم المأمور به السكوت في زمان معتد به لا مطلق السكوت فسئل عن أدنى ما به يتحقق الصوم فقيل أدناه ثلاث دقائق وأقصاه عشر فان في مثل الفرض لا مجال التوهم إرادة ما يعم ثلث دقائق غير متوالية وكذا نظيره ما لو علم اجمالا ان الإقامة في البلد ليس مطلق الدخول والمكث فيه في الجملة فسئل عن أقل ما به تتحقق الإقامة فقيل أدناه عشرة أيام واستفادة إرادة الاستمرار في مثل هذه الموارد هو الوجه في دلالتها على دخول الليالي المتوسطة في الحد والا فاليوم حقيقة لا يعم الليل حتى يدل على ارادته كمالا يخفى * (وكيف) * كان فلا شبهة في أن مفاد هذه الأخبار هو ان الدم الذي يمكن ان يكون حيضا ما كان استمراره ثلاثة أيام وما زاد إلى العشرة وما لم يكن كذلك بان كان يوما أو يومين مثلا لا يكون حيضا من دون فرق بين ان سبقه دم الحيض أو لحقه أم لا وسواء كان في أيام العادة أم لا فلا يجوز رفع اليد عن هذه القاعدة الكلية الا بدليل مخصص أو حاكم وقد ثبت بالنص والاجماع انه إذا استمر الدم ثلاثة أيام وانقطع ثم عاد قبل انقضاء العشرة من حين رؤية الدم ولم يتجاوز عنها فهو من الحيضة الأولى ولا يلاحظ الدم الثاني بحياله فردا مستقلا حتى ينافي حيضيته للقاعدة الكلية فهذا هو القدر المسلم الذي ثبت حكم الشارع فيه بكونه بمنزلة المستمر فالحاق ما عدا هذه الصورة المسلمة بها يتوقف على مساعدة الدليل وبهذا ظهر لك بطلان استدلال القائلين بعدم اشتراط التوالي في الثلاثة بأصالة عدم الاشتراط وأصالة براءة الذمة عن التكليف بالصلاة والصوم وسائر العبادات وقاعدة الامكان مضافا إلى ضعف الاستدلال بهذه الأصول من أصله فان أصالة عدم الاشتراط ان أريد منها الاستصحاب فليس له حالة سابقة معلومة وان أريد منها أصل آخر فلا أصل له اللهم الا ان يكون الحيض في العرف اسما للأعم ويكون الاشتراط تقييدا شرعيا تابعا لدليله فليتأمل واما أصالة البراءة عن التكاليف فهي محكومة بأصالة عدم الحيض واستصحاب التكليف وتوهم اختصاص استصحاب التكليف بما لو حاضت بعد تنجز الامر بالصلاة ونحوها بان كان بعد دخول وقتها والتمكن من امتثالها * (مدفوع) * بعدم الفرق بين الواجب المنجز والمشروط في جريان الاستصحاب كما تقرر في محله وربما يتوهم معارضة أصالة عدم الحيض بأصالة عدم الاستحاضة وسيتضح لك في مقام تأسيس الأصل اندفاعه واما قاعدة الامكان ففي امكان الاستدلال بها في مثل المقام تأمل وسيتضح لك تحقيقها [انش] فالمهم في المقام هو التعرض للاخبار الخاصة التي يستند إليها في مخالفة المشهور وعمدتها مرسلة يونس عن الصادق (ع) قال أدنى الطهر عشرة أيام وذلك أن المرأة أول ما تحيض ربما كانت كثيرة الدم ويكون حيضها عشرة أيام فلا تزال كلما كبرت نقصت حتى ترجع إلى ثلاثة أيام فإذا رجعت إلى ثلاثة أيام ارتفع حيضها ولا يكون أقل من ثلاثة أيام فإذا رأت المرأة الدم في أيام حيضها تركت الصلاة فان استمر بها الدم ثلاثة أيام فهي حائض وان انقطع الدم بعد ما رأته يوما أو يومين اغتسلت وصلت وانتظرت من يوم رأت الدم إلى عشرة أيام فان رأت في تلك العشرة أيام من يوم رأت الدم يوما أو يومين حتى يتم لها ثلاثة أيام فذلك الذي رأته في أول الأمر مع هذا الذي رأته بعد ذلك في العشرة فهو من الحيض وان مر بها من يوم رأت عشرة أيام ولم تر الدم فذلك اليوم واليومان الذي رأته لم يكن من الحيض انما كان من علة اما من قرحة في جوفها واما من الجوف فعليها ان تعيد الصلاة تلك اليومين التي تركتها لأنها لم تكن حائضا فيجب ان تقضى ما تركت من الصلاة في اليوم واليومين وان تم لها ثلاثة أيام فهو من الحيض وهو أدنى الحيض ولم يجب عليها القضاء ولا يكون
(٢٦٤)