إلى القبل واما الرواية الدالة على الملازمة بين الحد والغسل فليس المراد منها الملازمة بين الغسل ومطلق ما عليه الحد كما هو ظاهر بل المراد منها بحسب الظاهر أن مجامعة المرأة التي هي مورد الرواية ملزوم لامرين أحدهما استحقاق حد الزنا على تقدير الحرمة والاخر وجوب الغسل فلا وجه للتفكيك وايجاب الحد مع أنه يدرء بالشبهة وعدم ايجاب الغسل الذي هو أهون مع أنهما محمولان على موضوع واحد * (واما) * الرواية الأخيرة فمع ضعف سندها بالارسال معارضة بما سيأتي ولكن الانصاف انه لا ينبغي الالتفات إلى دعوى الانصراف في الروايات بعد فهم المشهور منها العموم وتصريح اللغويين بذلك واما الآية فظاهرها بعد العلم بعدم إرادة مطلق الملامسة هي الملامسة المعهودة التي يكنى عنها أعني الوطي في الموضع المستهجن ذكره من القبل والدبر وكون الأول متعارفا لا يمنع ظهور هذا النحو من التعبير في إرادة العموم واما ما ورد في تفسيرها فلا نسلم ظهورها في إرادة خصوص القبل فان لفظ الفرج لو سلم انصرافه إلى القبل يمكن منعه فيما إذا ورد تفسير المثل الآية الظاهرة في الاطلاق هذا مع امكان ان يقال بعد تسليم الانصراف ان كون المتعارف من المس المعهود وقوعه في القبل مانع من ظهوره في إرادة التخصيص بل الحصر منه انما هو بالنسبة إلى ما عدا المجامعة لا بالنسبة إلى ما يعم الوطي في الدبر واما الخدشة في الرواية الأخيرة بضعف السند فهي مخدوشة بانجباره بفتوى الأصحاب ونقل اجماعهم ولا يعارضها صحيحة الحلبي قال سئل الصادق عليه السلام عن الرجل يصيب المرأة فيما دون الفرج عليها غسل إذا انزل هو ولم تنزل هي قال ليس عليها غسل وإن لم ينزل هو فليس عليه غسل لعدم انسباق إرادة الوطي في الدبر من هذه الصحيحة بل انصرافها عنه ولو لم نقل بكون الفرج حقيقة فيه كمالا يخفى نعم يعارضها مرفوعة البرقي عن الصادق (ع) قال إذا اتى الرجل المرأة في دبرها فلم تنزل فلا غسل عليها وان انزل فعليه الغسل ولا غسل عليها * (و) * مرفوعة بعض الكوفيين عنه أيضا في الرجل يأتي المرأة في دبرها وهي صائمة لم ينقض صومها ولا غسل عليها ونحوه مرسل علي بن الحكم لكن اعراض المشهور عنها مضافا إلى ما في اسنادها من الضعف أخرجها من صلاحية تقييد المطلقات بها فضلا عن معارضتها للرواية المتقدمة المجبورة بعمل الأصحاب فالقول بوجوب الغسل هو الأصح ولكن الاحتياط بالجمع بين الطهارتين ممالا ينبغي تركه وأولى بمراعاة الاحتياط ما لو وطى غلاما فأوقبه ولم ينزل فقد نسب إلى المشهور ما قال به المرتضى من أنه يجب الغسل عليهما معولا على الاجماع المركب مدعيا ان كل من قال بوجوبه بوطي دبر المرأة قال به بوطي دبر الغلام بل ربما يقال إن اعتماده على الاجماع البسيط أيضا نظرا إلى عدم الاعتداد بمخالفة داود ونظرائه من أهل الخلاف في انعقاد الاجماع الكاشف عن رأي المعصوم وانما الاعتماد بأقوال من عداهم وقد نص في عبارته المتقدمة باجماعهم على وجوب الغسل بالوطي من الموضع المكروه من الذكر والأنثى * (وكيف) * كان فما ادعاه من الاجماع بسيطا كان أم مركبا لم يثبت ولذا تردد المصنف فيه في النافع واختار العدم في ظاهر المتن وصريح المحكى عن المعتبر وما يقال من أنه إذا كان ناقل الاجماع مثل المرتضى والحلي يجب تصديقه ما لم يثبت خلافه ولا يجوز رد قوله بعدم الثبوت * (مدفوع) * بان غاية ما يمكن دعويه انما هو حجية قول العادل أو مطلق الثقة فيما يخبر عن حس أو حدس ملزوم لامر حسى كالاخبار بالعدالة والفسق والشجاعة من المسلكات المستكشفة من اثارها واما اخباره في الحدسيات المستندة إلى اجتهاده فليس بحجية قطعا والا لوجب تصديق جل من فقهائنا الأخباريين الذين يدعون القطع بصدور جميع ما يفتون به عن الإمام (ع) فيكون قولهم حجة في جميع فتاويهم وهو بديهي الفساد * (و) * من المعلوم ان الاجماع انما يكون حجة عندنا لاشتماله على قول المعصوم (ع) والعادة قاضية بان ناقل الاجماع لا ينقله إلا عن حدس واجتهاد ومستند حدسه بمقتضى ظاهر عبارته بل صريح العبارة المتقدمة عن السيد ليس إلا استكشاف قول الإمام (ع) من اتفاق سائر العلماء واتفاق جميع العلماء على حكم تعبدي من صدر الاسلام وان كان عادة موجبا للقطع بموافقة المعصوم ووصول الحكم إليهم يدا بيدا واطلاعهم على دليل معتبر الا ان الاطلاع على ذلك أيضا بطريق الحس ممتنع وما يمكن الاطلاع عليه حسا لا يستلزم القطع بموافقة الإمام (ع) عادة وان كان ربما يحصل القطع بالموافقة من كثرة التتبع ولكنه ليس حصول القطع ملزوما عاديا حتى يكون اخبار العادل بموافقة الإمام (ع) نظير الاخبار بالعدالة والشجاعة والحاصل ان اخباره بقول الإمام (ع) وكذا باتفاق جميع العلماء بحسب العادة لا يكون الا حدسيا مبنيا على اجتهادات الناقل * (وقد) * عرفت أنه لا دليل على حجية هذا النحو من الاخبار بل الأدلة قاضية بعدمها نعم اخبار السيد والحلي بالاجماع واشتهار القول بوجوب الغسل بين العلماء خلفا عن سلف خصوصا بين القدماء الذين هم أسبق من السيد [قده] في مثل هذه المسألة التعبدية يورث الظن القوى بعثورهم على مدرك صحيح أو معروفية عصر الأئمة (ع) بين أصحاب الأئمة (ع) بحيث وصل إلى علمائنا يدا بيدا وانهم علموا بسبب القرائن ان موضوع الحكم في الأخبار المتقدمة هو مطلق الجماع في الفرج وذكر المرأة فيها لخصوصية المورد ولكنه لا دليل على اعتبار مثل هذا الظن الناشئ من الحدس والاجتهاد * (فالقول) * بعدم الوجوب أوفق بالقواعد وان كان الاحتياط ممالا ينبغي تركه وربما يستدل للوجوب
(٢٢٦)