الذكر بقدرها هي صلاتها التي كان عليها الاتيان بها على تقدير كونها طاهرة فيلاحظ حالها في ذلك الوقت من حيث كونها مسافرة أم حاضرة لا حالها قبل الحيض كما قد يتوهم لان المنسبق إلى الذهن ليس إلا كون هذا العمل بدلا من الصلاة ولذا يتبادر إلى الذهن من الأخبار المطلقة كالمقيدة إرادة ايجاد الذكر مستقبلة القبلة بمقدار الصلاة كما أن هذا هو المتبادر من مطلقات عبائر العلماء كما في المتن فإنه لا يشك ان المراد جلوسها مستقبلة القبلة مع أنه لم ينص عليه بل لا يبعد بمقتضى المناسبة ان يدعى ان المنسبق إلى الذهن ليس إلا جلوسها بمقتضى عادتها في مصلاها لو كان لها مصلا معهود ولعل هذا هو الوجه في تعبير الأصحاب بجلوسها في مصلاها وكيف كان فالامر فيه سهل وعن ابن بابويه القول بوجوب الوضوء والذكر استنادا إلى ظاهر الامر في الأخبار المتقدمة وفيه مع أنه بحسب الظاهر مخالف للاجماع على ما نقل ان هذه الأوامر لورودها في مقام توهم الخطر لا ظهور لها في الوجوب مع أنه يمتنع عادة ان يكون مثل هذا الحكم العام البلوى واجبا من صدر الاسلام وكان معروفا بين نساء النبي صلى الله عليه وآله ولم ينته إلى حد الضرورة فضلا عن صيرورته مخالفا للمشهور أو المجمع عليه مع أنه لو كان واجبا لم يكن الأئمة عليهم السلام بحسب العادة يتركون التعرض لبيانه عند بيان ان الحائض لا تصلى ولا يجب عليها قضائها في تلك الأخبار الكثيرة هذا كله مع أن التعبير بلفظ ينبغي في رواية زيد الشحام المتقدمة ظاهرة الاستحباب ولا يبعد كون هذا الظهور الأقوى من ظهور سائر الروايات في الوجوب ثم إن مقتضى الجمود على ظواهر النصوص والفتاوى استحباب الوضوء لكل صلاة وعدم كفاية وضوء واحد للجلوس مقدار صلاتين وإن لم يتخلل بينهما حدث بل وان جمعت بينهما في مجلس واحد وهذا لا يخلو من تأمل فان المتبادر من الوضوء ليس إلا المهية المعهودة المؤثرة في رفع الحدث على تقدير صلاحية المحل فيفهم من امر الحايض بايجاده هذه الطبيعة انها تؤثر في حقها اثر الا ينافيه حدث الحيض كخفة الحدث أو ارتفاع الأصغر أو التمرين أو غير ذلك فيكون الامر بالوضوء لأجل كونه سببا لحصول ذلك الأثر لا التعبد المحض ولذا لا شك في عدم الاعتداد بوضوئها لو بالت عقيبه قبل أن جلست في مصلاها فمتى حصل ذلك الأثر يجوز الاتيان بغايته وهي الجلوس في مصلاها ذاكرة لله تعالى وكون حدث الحيض بنفسه رافعا لذلك الأثر غير معلوم بل المنساق إلى الذهن من امر الحائض بالوضوء والذكر في وقت كل صلاة جريها على ما كانت عليه في حال طهارتها عدا تبديل صلاتها بالذكر والله العالم ويستحب لها الوضوء أيضا عند إرادة الأكل الرواية معاوية بن عمار المتقدمة ويكره لها الخضاب وهو مذهب علمائنا أجمع كما عن المعتبر والمنتهى للنهي عنه في جملة من الاخبار منها ما رواه عامر بن خذاعة عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول لا تختضب الحائض ولا الجنب الحديث ورواية أبى جميلة عن أبي الحسن موسى (ع) قال لا تختضب الحائض وموثقة أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) هل تختضب الحائض قال لا يخاف عليها الشيطان عند ذلك وعن أبي بكر الحضرمي مثلها إلا أنه قال لأنه يخاف عليها الشيطان وهذه النواهي محمولة على الكراهة لنفى البأس عنه في جملة من الاخبار منها رواية سهل بن اليسع عن أبيه قال سئلت أبا الحسن (ع) عن المرأة تختضب وهي حائض قال لا بأس به وعن علي بن أبي حمزة قال قلت لأبي إبراهيم (ع) تختضب المرأة وهي طامث قال نعم ورواية أبى المغراء عن العبد الصالح ( ع) في حديث قال قلت المرأة تختضب وهي حائض قال ليس به بأس وموثقة سماعة قال سئلت العبد الصالح (ع) عن الجنب والحائض أيختضبان قال لا بأس فما عن ظاهر الصدوق في الفقيه من عدم الجواز ضعيف ولعله لا يريد به أيضا الا الكراهة والله العالم * (الفصل الثالث في الاستحاضة) * وهي في الأصل استفعال من الحيض يقال استحيضت المرأة بالبناء للمفعول فهي تستحاض كك لا تستحيض إذا استمر بها الدم بعد أيامها فهي مستحاضة ذكره الجوهري على ما في الحدائق وغيره وهو يعطى ان بنائه للمعلوم غير مسموع ولكنك ستسمع في مرسلة يونس الطويلة استعمال ماضيه بالبناء للفاعل ثم إن شيخنا المرتضى [ره] قال في طهارته وظاهر غير واحد من أهل اللغة منهم الزمخشري والفيروزآبادي ان الاستحاضة تخرج من عرق يقال له العاذل قال في الفائق كان تسمية ذلك العرق بالعادل لأنه سبب لعذل المرأة أي ملامتها عند زوجها انتهى واطلاقها على نفس الدم على الظاهر تجوز ولا يبعد صيرورته حقيقة اصطلاحية في عرف الفقهاء وهو أي الفصل الثالث يشتمل على بيان أقسامها واحكامها اما الأول فدم الاستحاضة في الأغلب على ما يستفاد من مجموع الأخبار المتقدمة في الفصل السابق الواردة في تشخيص دم الحيض عن الاستحاضة عند الاشتباه اصفر بارد رقيق يخرج بفتور وبعض هذه الأوصاف كخروجه بفتور وإن لم ينص عليه بالخصوص في الاخبار لكن يستفاد ذلك منها باعتبار اخذ ضده وهو الخروج بقوة ودفع معرفا للحيض في مقام التميز وقد عرفت في مبحث الحيض ان هذه الأوصاف وكذا أوصاف الحيض ليست أوصافا لازمة بل هي امارات غالبية اعتبرها الشارع في الجملة في مقام التميز وقد يتفق بمثل هذا الوصف حيضا وقد يتفق عكسه إذا الصفرة والكدرة في أيام الحيض حيض وفي أيام الطهر طهر نصا واجماعا وقد اتضح لك فيما سبق ان أيام الحيض هي الأيام التي يمكن ان يكون الدم فيها حيضا وأيام الطهر ما لم يمكن فيه ذلك وتخصيص الصفرة والكدرة بالذكر من بين الأوصاف انما هو التبعية النص المعبر فيه بمثل هذه العبارة ثم لا يخفى عل المتتبع في اخبار الباب انه ليس للاستحاضة حقيقة شرعية بل لم تستعمل في شئ من الاخبار بظاهرها الا في معناها
(٢٩٥)