ادعيناه من استقرار طريقة العقلاء على عدم الاعتناء بالشك في الرافع فليجعل الاخبار كاشفة عن طريقتهم وقد أوضحنا ذلك في الأصول مستشهدين بقرائن كثيرة داخلية وخارجية من اراده فليراجع ما علقناه على ما صنفه شيخنا المرتضى [ره] في مبحث الاستصحاب والله العالم * (المسألة) * الخامسة من كان على بعض أعضاء طهارته جبائر جمع جبيرة وهي في الأصل كما في الحدائق يقال للعيدان والخرقة التي تشد على العظام المكسورة والظاهر من كلام الفقهاء اطلاقها على ما يشد على القروح والجروح أيضا وفي طهارة شيخنا المرتضى [ره] بعد أن حكى عن شارح الدروس ان الفقهاء يطلقونها على ما يعم الألواح المشدودة على العضو المكسور وما يشد به القروح والجروح قال ولا يبعد ان يراد بها هنا الأعم منها ومن كل ما يجعل على المكسور أو المجروح أو المقروح شدا أو لطوخا أو ضمادا ولم أعثر في الاخبار على استعمالها في غير الكسر فالتعدي عنه في موارد مخالفة الأصل يحتاج إلى تتبع دليل له انتهى * (و) * كيف كان فلا شبهة في أنه ان كان على أعضاء طهارته جبائر أو غيرها من الحواجب مطلقا فان كانت في محل المسح وأمكنه ازالتها والمسح على البشرة أو كانت في مواضع الغسل وأمكنه ايصال الماء إلى محلها على وجه يتحقق معه غسل البشرة اما بنزعها أو تكرار الماء عليها أو غمس العضو في الماء حتى يصل البشرة أو غير ذلك من انحاء المعالجات وجب عليه ذلك ما لم يتضرر أو يشق عليه ذلك والا فهو معذور وسيتضح حكمه انشاء الله وقد ظهر لك في المسألة السابقة ان مجرد ايصال الماء إلى المحل يجزى في حصول غسله ولا يعتبر فيه الجريان بالفعل وان اعتبار الجريان في مفهوم الغسل انما هو في مقابل ايصال البلل بمس اليد الرطبة للمحل على نحو الوضع أو الامرار وإلا فلا اشكال في كفاية مجرد استيلاء الماء على العضو من دون اجراء كما في الغمس أو وضع قطرة من الماء على جزء من العضو بحيث لا يتحرك عنه وربما يؤيده الموثق فيمن انكسر ساعده ولا يقدر ان يحله بحال الجبر إذا جبر قال (ع) يضع اناء فيه ماء ويضع موضع الجبر في الماء حتى يصل الماء إلى جلده وقد أجزاه ذلك من غير أن يحله فعلى هذا لا ينبغي الارتياب في أنه مخير بين انحاء الايصال فما يوهمه بعض العبائر من عدم كفاية ايصال الماء بالتكرار ونحوه الا إذا تعذر نزعها نظرا إلى عدم حصول الجريان المعتبر في مفهوم الغسل ضعيف هذا إذا أمكنه الاتيان بما وجب عليه من المسح والغسل من دون ان يشق عليه ذلك في العادة أو يتضرر به والا اجزاء المسح عليها أي على الجبيرة وما بحكمها أعني ما يوضع على العضو المجروح والمقروح شدا أو لطوخا أو ضمادا بشرط لصوقها بالعضو وصيرورتها كظاهر البشرة بنحو من الاعتبار مطر العرف والا فسيجئ حكمه انشاء الله واما كفاية المسح عليها عن غسل محلها أو مسحه في الفرض فمما لا خلاف فيه ظاهرا ويدل عليه حسنة الحلبي عن أبي عبد الله (ع) عن الرجل يكون به القرحة في ذراعه أو نحو ذلك من موضع الوضوء فيعصبها بالخرقة فيتوضأ ويمسح عليها إذا توضأ فقال (ع) ان كان يؤذيه الماء فليمسح على الخرفة وان كان لا يؤذيه الماء فلينزع الخرقة ثم ليغسلها قال وسئلته عن الجرح كيف اصنع به في غسله قال اغسل ما حوله * (وفي) * رواية كليب الأسدي عن أبي عبد الله عليه السلام عن الرجل إذا كان كسيرا كيف يصنع بالصلاة قال إن كان يتخوف على نفسه فليمسح على جبائره وليصل * (وعن) * تفسير العياشي عن أمير المؤمنين عليه السلام قال سئلت رسول الله صلى الله عليه وآله عن الجبائر تكون على الكسير كيف يتوضأ صاحبها وكيف يغتسل إذا أجنب قال يجزيه المسح عليها في الجنابة والوضوء قلت فإن كان في برد يخاف على نفسه إذا فرغ الماء على جسده فقرء رسول الله صلى الله عليه وآله لا تقتلوا أنفسكم ان الله كان بكم رحيما ورواية ابن عيسى عن الوشا عن أبي الحسن (ع) قال سئلته عن الدواء يكون على يدي الرجل أيجزيه ان يمسح في الوضوء على الدواء المطلى عليه قال نعم يمسح عليه ويجزي به نعم يجزيه ان يمسح عليه * (و) * رواية عبد الأعلى قال قلت لأبي عبد الله (ع) عثرت فانقطع ظفري فجعلت على إصبعي مرارة فكيف اصنع بالوضوء فقال (ع) يعرف هذا وأشباهه من كتاب الله تعالى ما جعل عليكم في الدين من حرج امسح عليه وهذه الأخبار بأسرها تدل على وجوب مسح الجبيرة وما بحكمها أعني الخرقة التي يشد بها القرحة ونحوها والدواء المطلى عليها واما القروح والجروح المجردة عن الدواء أو ما هو بمنزلته وكذا الكسر المجرد عن الجبيرة إذا فرض تضرره بالغسل فلا يكاد يستفاد حكمها من هذه الأخبار عدا ما يستفاد من ذيل حسنة الحلبي السابقة كما سيجئ تقريبه فالقول بوجوب ومنع خرقة أجنبية على الموضع المكسور والمجروح والمقروح والمسح عليها نيابة عن محلها استنادا إلى وجوب المسح المستفاد من هذه الأخبار ضعيف لان مورد هذه الأخبار انما هو فيما إذا كان الشئ الموضوع على العضو له نحو تعلق ارتباط بالعضو بحيث لا يعد غسله أجنبيا عن غسل محله ولعل وجهه كونه من مراتبه الميسورة كما يساعد عليه العرف بل لعله يمكن استفادته من بعض الأخبار وربما يستشم ذلك من بعض أسئلة السائلين فالحاق الخرقة الأجنبية به يحتاج إلى دليل كما لا يخفى ولا يعارض هذه الأخبار صحيحة ابن الحجاج عن أبي الحسن (ع) قال سئلته عن الكسير يكون به الجبائر أو يكون به الجراحة كيف يصنع بالوضوء وعند غسل الجنابة وغسل الجمعة قال (ع) يغسل ما وصل إليه الغسل مما ظهر مما ليس عليه الجبائر ويدع ما سوى ذلك مما لا يستطيع غسله ولا ينزع الجبائر ولا يعبث بجراحته لأن مفادها عدم وجوب غسل مالا يستطيع غسله من البشرة واما عدم وجوب المسح إلى الجبيرة والخرقة الملتصقة بالجراحة على تقدير كونها معصية بها فلا يستفاد منها الا من حيث السكوت في مقام البيان وهو لا يقاوم
(١٨٥)