عند إرادة النوم لا يفهم الا إرادة ايجاد هذه الأفعال بالكيفية المعروفة عندهم ومما يدل على اتحاد كيفية الأغسال مغروسيته في أذهان المتشرعة قديما وحديثا ولذا لم يسئل أحد من الرواة عن كيفية سائر الأغسال عدا غسل الجنابة الذي هو أعم ابتلاء ولم يتعرض الأئمة (ع) لبيان شئ منها ولم يكن ذلك الا المعروفية كيفية الغسل لديهم * (واما) * غسل الميت فحيث إن متعلقه غير نفس المكلف ليس على حد سائر الأغسال بحيث يغنى معرفة كيفية الغسل في الجملة عن معرفته بالخصوص الا ترى أنه لو قيل للعامي اغسل الميت يسئل لا محالة عن كيفيته بخلاف ما لو قيل له اغتسل لرؤية المصلوب ولذا أكثر الرواة في المسألة عن كيفية غسل الميت دون غيره من الأغسال مع كثرتها وحيث إنه ورد التصريح في جملة من الاخبار بكيفية لا يجوز التخطي عن الكيفية المنصوصة الا بدليل معتبر ولذا استشكلنا في جوازه ارتماسا والله العالم ثم انك قد عرفت أن الأقوى ما عليه المشهور من أن الغسل الارتماسي تدريجي الحصول وان ابتدائه أول انات الاخذ في الرمس * (ولكنه) * لا يخفى عليك ان جزئية الجزء الأول مشروطة بصيرورته جزء من المركب الذي يصدق على مجموعه الارتماس فغسل الرجل مثلا يتحقق بوصول الماء إليها لكن صحته مشروطة بان يتعقبه غسل سائر الجسد على وجه يتحقق به الارتماس الدفعي عرفا بان يبقى في الماء إلى أن يرتمس جميع بدنه فلو خرج بعض بدنه من الماء قبل أن يرتمس جميعه بطل غسله إذ لا يسمى مثله ارتماسا واما لو دخل في طين ونحوه أو اصابه في الماء مانع عارضي منعه من الاتصال بالماء قبل أن يتحقق الانغماس التام فالظاهر عدم منافاته للصدق العرفي الذي هو شرط للصحة خصوصا إذا كان الجزء الممنوع يسيرا فما قيل من أنه يشترط اتصاله بالماء إلى أن الغسل * (ففيه) * انه ان كان لتوقف صدق الارتماس فقد عرفت عدم المنافاة للصدق العرفي على الاطلاق وان كان لدليل اخر تعبدي فلم نعثر عليه والله العالم * (ثم) * انه حكى عن الشيخ في المبسوط انه الحق في سقوط الترتيب بالارتماس الجلوس تحت المجرى والمطر وعن التذكرة الحاق الميزاب وشبهه به أيضا وعن بعض الحاق الصب بالاناء دفعة به أيضا * (ولعل) * مستند الكل تنقيح المناط بدعوى القطع بعدم مدخلية الرمس في الماء في صحة الغسل وانما المناط إحاطة الماء بالبدن دفعة عرفية * (وفيه) * مضافا إلى منع تحقق الإحاطة دفعة في مثل المطر ونحوه الا إذا كان المطر غزيرا فجرى على جميع البدن ثم نوى الغسل ان دعوى القطع بذلك في مثل هذه الأحكام التعبدية عهدتها على مدعيها ولا يمكن لنا الجزم بذلك * (نعم) * في نفسي شئ وهو احتمال عدم اعتبار الترتيب في الغسل ورأسا وكون الأخبار الدالة عليه جارية مجرى العادة أو محمولة على بيان أفضل الافراد ولكنك عرفت فيما سبق انه خلاف ما يقتضيه الجمود على ظواهر الأدلة التعبدية فلا ينبغي الالتفات إليه فالأظهر هو الاقتصار في تخصيص ما دل على اعتبار الترتيب بالغسل الارتماسي اللهم الا ان يتشبث في خصوص الوقوف تحت المطر بصحيحة علي بن جعفر عن أخيه (ع) قال سئلته عن الرجل يجنب هل يجزيه من غسل الجنابة ان يقوم في المطر حتى يغسل رأسه وجسده وهو يقدر على ما سوى ذلك فقال إن كان يغسله اغتساله بالماء أجزاه ذلك ومرسلة محمد بن أبي حمزه عن الصادق (ع) في رجل اصابته جنابة فقام في المطر حتى سال على جسده أيجزيه ذلك من الغسل قال نعم * (وفيه) * ان حمل هاتين الروايتين على إرادة ما لو نوى الغسل عند إحاطة الماء بالبدن وجريانه بعيد فلا بد من حملها على مالا ينافي أدلة الترتيب بل الظاهر عدم كون الروايتين مسوقتين الا لبيان كفاية المطر عن الماء فلا يجوز التشبث باطلاقهما لاثبات المطلوب والله العالم * (وهل) * يشترط في صحة الغسل بنوعيه إزالة النجاسة عن محال الغسل عينية أو حكمية قبل الشروع في أصل الغسل * (أو) * يعتبر جريان ماء الغسل على محل طاهر فيكفي ازالتها قبل غسل المحل الذي هي فيه * (أو) * يعتبر عدم بقائه نجسا بعد الغسل فيكتفى بغسل واحد لهما أو يفرق في ذلك بين الاغتسال في الماء الكثير وما إذا كانت في آخر العضو وبين غيرهما فيكتفى بالغسل الواحد لهما في الأولين أو انه لا يشترط شئ من ذلك * (نعم) * يعتبر أن لا تمنع عين النجاسة وصول الماء إلى البشرة فيكتفى به وان بقي المحل نجسا وجوه بل أقوال كما في الجواهر أوجهها الثاني وهو اعتبار طهارة المحل حين غسله كما يدل عليه الأخبار المستفيضة الواردة في كيفية الغسل الامرة بغسل الفرج واليدين قبل الغسل وفي صحيحة حكم بن حكيم قال (ع) ثم اغسل ما أصاب جسدك من اذى ثم اغسل فرجك وأفض على سائر جسدك فاغتسل إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة التي تقدم بعضها في مطاوي المباحث المتقدمة وهذه الأخبار وان كان مفادها وجوب تطهير البدن قبل الشروع في الغسل لكن شدة المناسبة بين تطهير الموضع النجس مقدمة لغسل نفس هذا الموضع وبعد مدخلية تطهيره في صحة غسل سائر الاجزاء مانعة عن استفادة التقييد فلا يفهم منها الا وجوب تطهير المحل قبل غسله وانما تعلق الامر به قبل الشروع في الغسل جريا مجرى العادة كما يؤيده مضافا إلى الفهم العرفي الناشئ من المناسبة المغروسة في الأذهان ما في صحيحة حكم بن حكيم عن الصادق عليه السلام في حديث كيفية غسل الجنابة قال فان كنت في مكان نظيف فلا يضرك أن لا تغسل رجليك وإن كنت في مكان ليس بنظيف فاغسل رجليك وهذه الصحيحة كما تريها صريحة في عدم اعتبار طهارة الرجل حال غسل سائر الأعضاء فالقول باعتبار تطهير البدن قبل الشروع في الغسل ضعيف * (و) * أضعف منه القول بعدم اعتبار طهارة المحل حين غسله سواء اعتبر عدم بقائه نجسا بان تحقق الغسل والتطهير بغسلة واحدة أم لم يعتبر ذلك أيضا لما عرفت من دلالة الأخبار المستفيضة على اشتراط طهارة المحل
(٢٤٩)