ولا بالارتداد ولو في أثناء الوضوء فلو تاب وأتم وضوئه بماء طاهر من دون حصول المنافى صح وضوئه على تقدير قبول توبته كما يدل عليه مضافا إلى الأصل الاخبار الحاصرة ودعوى حبط عمله على وجه يجب عليه إعادة الوضوء ممنوعة بل هو كغيره من اعماله الماضية والله العالم ثم لا يخفى عليك ان التعرض لذكر أغلب الأشياء المذكورة بالخصوص مع عدم وقوع الخلاف فيها بين الاعلام انما هو لورودها في النصوص فالتصريح بذكرها للتنبيه على ذلك والله العالم * (الفصل الثاني) * من الفصول التي لها نحو تعلق بالوضوء * (في) * أحكام الخلوة وهي ثلاثة الأول في كيفية التخلي ويجب فيه كما في غيره من الأحوال ستر العورة عن كل انسان مميز ما عدا الزوج والزوجة ومن بحكمهما بلا خلاف فيه ظاهرا بل في الجواهر دعوى الاجماع بل ضرورة الدين عليه في الجملة وكذا يجب عليه حفظ النظر عن عورة من يجب عليه التستر عنه ومما يدل على وجوب ستر العورة وحرمة النظر إلى عورة الغير قوله [تعالى] قل للمؤمنين يغضوا من ابصارهم ويحفظوا فروجهم الآية ولو بمعونة ما ورد في تفسيره ففي مرسلة الصدوق عن الصادق (ع) انه سئل عن قول الله عز وجل قل للمؤمنين يغضوا من ابصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم فقال كل ما كان في كتاب الله من حفظ الفرج فهو من الزنا الا في هذا الموضع فإنه للحفظ من أن ينظر إليه وعن تفسير النعماني عن علي (ع) في قوله [تعالى] قل للمؤمنين يغضوا من ابصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم معناه لا ينظر أحدكم إلى فرج أخيه المؤمن أو يمكنه من النظر إلى فرجه ثم قال قل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن أي ممن يلحقهن النظر كما جاء في حفظ الفرج فالنظر سبب ايقاع الفعل من الزنا وغيره ويدل عليه أيضا السنة المستفيضة ففي حديث المناهي عن الصادق (ع) عن ابائه (ع) عن النبي صلى الله عليه وآله قال إذا اغتسل أحدكم في فضاء من الأرض فليحاذر على عورته وقال لا يدخل أحدكم الحمام الا بمئزر ونهى من أن ينظر الرجل إلى عورة أخيه المسلم وقال من تأمل عورة أخيه المسلم لعنه سبعون الف ملك ونهى المرأة من أن تنظر إلى عورة المرأة وقال من نظر إلى عورة أخيه المسلم أو عورة غير أهله متعمدا ادخله الله مع المنافقين الذين كانوا يبحثون عن عورات الناس ولم يخرج من الدنيا حتى يفضحه الله الا ان يتوب * (وفي) * صحيحة حريز لا ينظر الرجل إلى عورة أخيه المسلم إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة وما وقع في بعض الأخبار من التعبير بلفظ الكراهة كموثقة ابن أبي يعفور قال سئلت أبا عبد الله (ع) يتجرد الرجل عند صب الماء ترى عورته أو يصب عليه الماء أو يرى هو عورة الناس فقال كان أبى (ع) يكره ذلك من كل أحد فلا ينافي ظهور ما عداها في الحرمة إذ كثيرا ما يستعمل الكراهة في الاخبار في غير معناها المصطلح وعلى تقدير ظهورها في المعنى الاصطلاحي فليس على وجه يصلح قرينة لصرف سائر الأخبار عن ظواهرها بل من المستبعد جدا ان يكون المراد من النواهي الواردة في تفسير الآية الكراهة كمالا يخفى وجهه على المتتبع في الأوامر والنواهي الواردة في الكتاب العزيز فما عن بعض متأخري المتأخرين انه لو لم يكن مخافة خلاف الاجماع لأمكن القول بكراهة النظر دون التحريم جمعا ضعيف في الغاية وما ورد في تفسير حرمة عورة المؤمن على المؤمن باظهار عيوبه وإذاعة سره كما في رواية حذيفة بن منصور قلت لأبي عبد الله (ع) شئ يقوله الناس عورة المؤمن على المؤمن حرام فقال ليس حيث يذهبون انما عورة المؤمن ان يزل زلة أو يتكلم بشئ يعاب عليه فيحفظ عليه ليعيره به يوما ما وفي صحيحة ابن سنان عن أبي عبد الله (ع) قال سئلته عن عورة المؤمن على المؤمن حرام قال نعم قلت أعني سفليه قال ليس حيث تذهب انما هو إذاعة سره فلا ينافي الأدلة المتقدمة إذ لا تدل هذه الروايات على جواز النظر إلى عورة الغير حتى تعارض الأدلة المتقدمة لأن مفادها ليس إلا ان المراد من هذه الرواية هو هذا المعنى لا انه يجوز النظر إلى عورة الغير هذا مع أن مقتضى الجمع بين هذه الروايات وبين موثقة حنان حمل هذه الروايات على بيان ما هو المقصد الأهم من الرواية المعروفة بين الناس وانه ليس المقصود منها خصوص ما يفهمه الناس قال حنان دخلت انا وأبي وعمي وجدي حماما بالمدينة فإذا رجل دخل بيت المسلخ فقال ممن القوم فقلنا من أهل العراق قال وأي العراق قلنا كوفيون قال مرحبا بكم يا أهل الكوفة أنتم الشعار دون الدثار ثم قال ما يمنعكم من الإزار فان رسول الله صلى الله عليه وآله قال عورة المؤمن على المؤمن حرام إلى أن قال فسئلنا عن الرجل فإذا هو علي بن الحسين (ع) ثم إن مقتضى اطلاق النص والفتوى كظاهر الكتاب وجوب التستر وحفظ الفرج عن كل ناظر عدا ما استثنى من الزوج والزوجة ونحوهما من دون فرق بين كون الناظر مسلما أو كافرا صغيرا أو كبيرا ذكرا أو أنثى نعم لا يجب التستر عن غير المميز إذ لا يفهم من الامر بالتستر الا وجوب التستر عمن له ادراك وشعور ولذا لا يفهم من ذلك وجوب التستر عن البهائم واما حرمة النظر إلى عورة الغير فعن المشهور ان كل من يجب التستر عنه يحرم النظر إلى عورته كما يدل عليه عموم النبوي المتقدم من نظر إلى عورة أخيه المسلم أو عورة غير أهله متعمدا ادخله الله مع المنافقين وقوله (ع) لعلي (ع) يا علي إياك ودخول الحمام بغير مئزر ملعون ملعون الناظر والمنظور إليه وعن المحدث العاملي وظاهر الصدوق اختصاص حرمة النظر بعورة المسلمين دون الكفار لما رواه في الفقيه عن الصادق (ع) أنه قال انما أكره النظر إلى عورة المسلم فاما فان النظر إلى عورة من ليس بمسلم مثل النظر إلى عورة الحمار وحسنة ابن أبي عمير عن غير واحد من أصحابنا عن أبي عبد الله (ع) قال النظر إلى عورة من ليس بمسلم مثل النظر إلى عورة الحمار ويؤيدهما اختصاص
(٨١)