ظهورهم ولولاه لاتحدت الكلمة وارتفعت المخالفة بين الأمة ولا يجب في مسح القدمين استيعابهما جزما كما يدل عليه النصوص المتواترة معنى واما ما ورد في بعض الأخبار من مسح ظاهرهما وباطنهما كمرفوعة أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) في مسح الرأس والقدمين فقال (ع) مسح الرأس واحدة من مقدم الرأس ومؤخرة ومسح القدمين ظاهرهما وباطنهما وخبر سماعة بن مهران عنه أيضا قال إذا توضأت فامسح قدميك ظاهرهما وباطنهما ثم قال هكذا فوضع يده على الكعب وضرب الأخرى على باطن قدميه ثم مسحهما إلى الأصابع فمع ضعف سنده ومعارضته للأدلة القطعية محمول على التقية لكونه مذهبا لمن يرى جواز المسح على الرجلين من العامة على ما قيل كما يرشد إليه الامر بمسح مؤخر الرأس في الرواية الأولى والله العالم واما حد المسح عرضا فإنما يجب مسح مقدار من ظاهر القدمين يسمى به ماسحا فلا يعتبر مقدار عرض إصبع فضلا عن إصبعين أو ثلاث أو مقدار الكف وعن ظاهر الصدوق في الفقيه وجوب المسح بمقدار الكف قال فيما حكاه عنه شيخنا المرتضى [قده] في طهارته وحد مسح الرجلين ان تضع كفيك على أطراف أصابعك من رجليك وتمدهما إلى الكعبين انتهى ومستنده ظاهرا صحيحة البزنطي قال سئلت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن المسح على القدمين كيف هو فوضع كفه على أصابعه فمسحها إلى الكعبين فقلت جعلت فداك لوان رجلا قال بإصبعين من أصابعه قال لا الا بكفه كلها ويؤيده بل يدل عليه رواية عبد الأعلى قال قلت لأبي عبد الله (ع) عثرت فانقطع ظفري فجعلت على إصبعي مرارة فكيف اصنع بالوضوء قال يعرف هذا وأشباهه من كتاب الله عز وجل ما جعل عليكم في الدين من حرج امسح عليه إذ لولا وجوب مسح مجموع ظهر القدم أو ما يستوعبه الكف لما كان للامر بالمسح على ما وضع عليه المرارة مستشهدا باية نفى الحرج وجه كما لا يخفى على المتأمل ويعضده المطلقات الامرة بمسح ظاهر القدم الظاهرة في وجوب استيعاب الظهر وهذا القول بظاهره مخالف للاجماع كما عن غير واحد نقله نعم عن المحقق الأردبيلي الميل إليه وعن المفاتيح انه لولا الاجماع لجزمنا به وجعله أحوط وعن الكفاية الأولى ان يمسح بتمام كفه وفي المدارك ان المصنف في المعتبر والعلامة في التذكرة نقلا اجماع فقهاء أهل البيت (ع) على أنه يكفي في مسح الرجلين مسماه ولو بإصبع واحدة واستدلا عليه بصحيحة زرارة ولولا ذلك لأمكن القول بوجوب المسح بالكف كلها للصحيحة المتقدمة فان المقيد يحكم على المطلق ومع ذلك فالاحتياط هنا مما لا ينبغي تركه الصحة الخبر وصراحته واجمال ما ينافيه انتهى وكيف كان فلا شبهة في ضعفه لا لمخالفته للاجماع بل لمعارضة الخبرين للاخبار الكثيرة المعمول بها * (منها) * ما في صحيحة زرارة وبكير المتقدمة في مسح الرأس ثم قال وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين فإذا مسح بشئ من رأسه أو بشئ من قدميه ما بين الكعبين إلى أطراف الأصابع فقد أجزأه وقد عرفت في مسح الرأس عدم امكان تقييده بثلاث أصابع في القدمين فضلا عن مجموع ظاهر القدم أو مقدار الكف منه فما ذكره صاحب المدارك من امكان تقييده بالكف ضعيف ولذا تعجب المحقق البهبهاني من حكمه بصراحة الصحيحة واجمال المعارض في هذا المقام مع تصريحه في مسألة مسح الرأس بخلافه هذا ولكن الانصاف عدم صلاحية هذه الصحيحة المعارضة الصحيحة السابقة بل اجمالها بالنسبة إلى مسح القدمين لان ما ذكرنا من عدم امكان تقييده بثلاث أصابع فضلا عن الكف مبنى على أن يكون ما بين الكعبين إلى أطراف الأصابع بدلا من قدميه كي يكون معناه فإذا مسح بشئ من هذا العضو فقد أجزاه ولكن لا يتعين إرادة هذا المعنى بل يحتمل قويا كونه بيانا للشئ لابد لامن قدميه فيكون معناه على هذا التقدير فإذا مسح بشئ أي ببعض من قدميه الذي هو عبارة عما بين الكعبين إلى أطراف الأصابع فقد أجزاه فيدل على الاستيعاب من حيث الطول اما من حيث العرف فاما مجمل أو ظاهر في الاستيعاب أيضا ولكن يرفع اليد عنه بواسطة القرائن المنفصلة من اجماع ونحوه اللهم الا ان يقال إن وقوع الحكم في الرواية تفريعا على الآية يجعلها بمنزلة الصحيحة الآتية التي ستعرف انها كادت تكون صريحة في المدعى فليتأمل * (ومنها) * صحيحة أخرى لزرارة الواردة في كيفية استفادة مسح بعض الرأس والرجلين من الكتاب العزيز المتقدمة في مسح الرأس وفيها فقال وأرجلكم إلى الكعبين فعرفنا حين وصلهما بالرأس ان المسح على بعضهما وهذه الصحيحة صريحة في كفاية المسح ببعض الأرجل إلى الكعبين أي ببعض هذا العضو فلا يتطرق فيها شائبة الاجمال من هذه الجهة ولكن اطلاقها واردة مورد حكم آخر فمن هنا قد يتوهم ضعف الاستشهاد بها للمدعى * (ويدفعه) * ما أشرنا إليه في مسح الرأس من أن وقوعها تفسيرا للآية يجعلها بحكمها من حيث الاطلاق ومنها الأخبار المستفيضة المتقدمة الامرة بأخذ ناسي المسح البلة من لحيته لمسح رأسه ورجليه وفي بعضها فإن لم يكن لحية اخذ من حاجبيه وأشفار عينيه إذ من المعلوم ان البلة المأخوذة من أشفار العينين والحاجبين بل وكذا اللحية بعد جفاف سائر المواضع غالبا لا تكفي لمسح الرأس والرجلين بالكف * (ومنها) رواية معمر بن خلاد المتقدمة الدالة على اجزاء مسح موضع ثلاث أصابع من الرأس والرجلين * (ومنها) * رواية جعفر بن سليمان قال سئلت أبا الحسن موسى (ع) فقلت جعلت فداك يكون خف الرجل مخرقا فيدخل يده فيمسح ظهر قدميه يجزيه ذلك فقال نعم إلى غير ذلك فيتعين حمل الصحيحة على الاستحباب وعلى ان مقصود السائل معرفة كيفية المستحبة كما يقربه بعد جهل السائل مع جلالة قدره بالواجب من المسح واما رواية عبد الأعلى
(١٥٧)