المتبادر من النهى المتعلق بالأفعال المركبة خصوصا لتدريجية منها كالجلوس في المسجد يوم الجمعة واستماع الخطبة التي يقرئها الامام وقراءة المكتوب الذي أرسله إلى فلان وكتابة الكاغذ الموجود واكل الطعام الموضوع بين يدي زيد إلى غير ذلك من الأمثلة انما هو حرمة أبعاضها بحيث يكون كل بعض في حد ذاته موضوعا للحرمة الا ان يدل قرينة خارجية على إرادة المجموع من حيث المجموع * (ويؤيده) * فهم جل العلماء من اخبار الباب ذلك وربما نوقش في دلالة الاخبار على الحرمة بان قراءة القرآن مستحب فاستثناء سور العزائم منها لا يدل الا على عدم استحبابها لا حرمتها * (وفيه) * ان المسؤول عنه في الروايات انما هو جواز قراءة القرآن في مقابل المنع منها واما استحبابها فإنما هو من لوازم مشروعيتها إذا تحققت في الخارج قربة إلى الله تعالى واما لو تحققت بدونها فهي من الأفعال المباحة فاستثناء السجدة عن مطلق القراءة معناه المنع منها كما هو ظاهر ومن جملة احكامه انه يحرم عليه مس كتابة القران بلا خلاف فيه ظاهرا قال في الحدائق والظاهر أنه اجماعي كما نقله غير واحد من معتمدي الأصحاب بل في المعتبر والمنتهى انه اجماع علماء الاسلام وعن العلامة في النهاية انه لا خلاف هنا في تحريم المس وان وقع الخلاف في الحدث الأصغر وفي الذكرى عن ابن الجنيد القول بالكراهة وذكر أنه كثير اما يطلق الكراهة ويزيد التحريم فينبغي ان يحمل كلامه عليه وهو جيد فان اطلاق الكراهة على الحرمة في كلام المتقدمين كما في الاخبار شايع واما نقل ذلك من المبسوط كما في المدارك فقد رده جمع ممن تأخر عنه بأنه سهو فإنه انما صرح بذلك في الحدث الأصغر واما الأكبر فقد صرح فيه بالتحريم انتهى ويدل عليه مضافا إلى الاجماع ظاهر الكتاب و السنة المستفيضة التي تقدم بعضها في حرمة المس مع الحدث الأصغر كما تقدم جملة من الأبحاث المتعلقة بالمقام فراجع أو مس شئ عليه اسم الله سبحانه وتعالى بلا نقل خلاف معتد به فيه بل عن الغنية دعوى الاجماع عليه وعن نهاية الاحكام نفى الخلاف فيه وعن المنتهى وغيره نسبته إلى الأصحاب ويدل عليه موثقة عمار عن الصادق (ع) قال لا يمس الجنب درهما ولا دينارا عليه اسم الله ويؤيده حسنة داود بن فرقد عن أبي عبد الله (ع) قال سئلته عن التعويذ يعلق على الحائض قال نعم لا بأس قال وقال تقرئه وتكتبه ولا تصيبه يدها وفي رواية أخرى عنه عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام مثلها إلا أنه قال فيها تقرئه وتكتبه ولا تمسه والظاهر أن النهى عن مسه انما هو لما فيه من اسم الله تعالى أو الآيات القرآنية والروايتان وان كانتا في الحائض الا انهما مؤيدتان للمطلوب لاشتراك الجنب والحائض في كثير من الاحكام ويؤيده أيضا انه هو المناسب للتعظيم بل لا يبعد دعوى كون مس الجنب والحائض بنظر أهل الشرع توهينا وربما يستدل له بفحوى النهى عن مس كتابة القران في ظاهر الآية والأخبار المستفيضة كما مر توجيهه عند التكلم في حرمة المس مع الحدث الأصغر فراجع * (ثم) * ان المتبادر من النهى عن مس دينارا ودرهم عليه اسم الله تعالى انما هو حرمة مس الموضع الذي عليه الاسم لا مطلقا كما أن المتبادر من عبارة المتن ونحوه أيضا ذلك ولذا عبروا بها مع أن المقصود منها بيان حرمة مس نفس الاسم كما يفصح عن ذلك تعبير المصنف في محكى المعتبر بقوله ويحرم مس اسم الله سبحانه و [تع] ولو كان على دراهم أو دنانير أو غيرهما فلا يحرم مس الموضع الخالي عن الاسم وعليه بحمل رواية أبى الربيع عن الصادق (ع) في الجنب يمس الدراهم وفيها اسم الله تعالى واسم الرسول قال لا بأس به ربما فعلت ذلك وموثقة إسحاق بن عمار عن أبي إبراهيم (ع) قال سئلته عن الجنب والطامث يمسان بأيديهما الدراهم البيض قال لا بأس ورواية محمد بن مسلم المحكية عن جامع البزنطي عن الباقر عليه السلام قال سئلته هل يمس الرجل الدرهم الأبيض وهو جنب فقال أي والله فانى لاوتي بالدرهم فاخذه وانا جنب وما سمعت أحدا يكره من ذلك شيئا الا ان عبد الله بن محمد كان يعيبهم عيبا شديدا يقول جعلوا سورة من القران في الدراهم فيعطى الزانية وفي الخمر ويوضع على لحم الخنزير ويحتمل قويا صدور هذه الأخبار تقية كما يشعر بها الرواية الأخيرة ويؤيدها ما قيل من اختصاص القول بحرمة مس كتابة القران بالامامية وعدم معروفيتها عند العامة وان كان فيه نظر نظرا إلى ما عن المعتبر والمنتهى من دعوى اجماع المسلمين عليها وكذا يؤيد كون النهى عن مس الدراهم بمنزلة التعريض على سلاطينهم هذا مع أن مقتضى ظاهر هذه الرواية جواز مس كتابة القران وقد عرفت مخالفة لظاهر النص والاجماع وحكى عن بعض القول بجواز المس في خصوص الدرهم للروايات المتقدمة وهو ضعيف واضعف منه ما يظهر من بعض من الحكم بالكراهة مطلقا نظرا إلى قصور مستند المانعين وضعف سند الموثقة التي هي عدة أدلتهم هذا مع معارضتها بالاخبار المتقدمة الدالة بظاهرها على الجواز فيجمع بين الاخبار بحمل النهى على الكراهة ولا يخفى عليك انه لا مجال للجمع بين الاخبار بعد الخدشة في اسنادها لولا المسامحة في دليل الكراهة وكيف كان فيتوجه عليه ان رواية عمار في حد ذاتها موثقة هي بل حجة معتمدة وعلى تقدير تسليم ضعف سندها فهو منجبر بعمل الأصحاب ونقل اجماعهم عليه إذ الظاهر أن عمدة مستند القول بالحرمة التي نقل عليها الاجماع ليست الا الموثقة واما الأخبار الدالة على الجواز فلا يصلح لمعارضتها بعد اعراض الأصحاب عنها وقصور أسانيدها فلا بد من رد علمها إلى أهله أو حملها على بعض جهات التأويل وان بعدت وعلى تقدير صلاحيتها للمعارضة فالمتعين في مثل المقام هو الاخذ بالترجيح لا الجمع لعرائه عن الشاهد وقد عرفت أن العمل بالموثقة أرجح ثم إن مقتضى اطلاق الرواية وغيرها من الأدلة عدم اختصاص الحكم بلفظة الله بل تعم كل اسم من أسمائه سبحانه وتعالى المختصة به تعالى من أي لغة كانت وكون المتعارف في أزمنة الأئمة عليهم السلام نقش
(٢٣١)