ان الصائمة تفطر بمجرد رؤية الدم * (وما) * ورد فيمن نفست فتركت الصلاة ثلاثين يوما ثم طهرت ثم رأت الدم بعد ذلك من أنها تدع الصلاة لان أيامها أيام الطهر قد جازت مع أيام النفاس فعلل الحكم بالحيضية بمجرد عدم المانع إلى غير ذلك مما يقف عليه المتتبع كاخبار الاستظهار ونحوها وبما أشرنا إليه في تقريب الاستشهاد بمثل هذه الروايات لا يتطرق المناقشة في دلالتها بعدم كون شئ منها مسوقا لبيان تأسيس الأصل وانما هي مسوقة لبيان حكم آخر والمراد من الدم المأخوذ موضوعا في أغلب هذه الأخبار هو الدم المعهود لا مطلق الدم فالمراد بالرواية الامرة بافطار الصائمة عند رؤية الدم مثلا انما هو دم الحيض لا مطلق الدم فهي مسوقة لبيان انتقاض الصوم برؤية دم الحيض ولو في اخر النهار ويكفى في صحة مثل هذا الاطلاق أعني الامر بالافطار بمجرد رؤية دم الحيض امكان معرفته في ابتداء رويته في الجملة ولو لأجل كونه في أيام العادة * (توضيح) * الاندفاع ان المتأمل في هذه الأخبار المتكثرة لا يكاد يتردد في أن سائر الاحتمالات لم تكن ملحوظة وملتفتا إليها أصلا لما هو المغروس في أذهانهم من أن الأصل في الدم ان يكون حيضا وإلا لكان على الإمام (ع) أو السائلين الاستفصال عن حكم صورة الشك في مثل هذه الموارد التي قلما تنفك عن سائر الاحتمالات على تقدير الاعتناء بها خصوصا احتمال كونها استحاضة فكون المراد من الدم هو الدم المعهود في أغلب هذه الروايات مسلم لكن لم يكن معهوديته الا لكونه أصلا فيه فكما لا ينتقل الذهن عند السؤال عن حكم الدم الذي تراه المرأة الا إلى إرادة الدم المعهود كذلك لا ينتقل عند رؤيته الا إلى كونه ذلك الدم وإلا لكان السائل يسئل في مثل هذه الموارد عن حكم صورة الشك * (والحاصل) * ان المتأمل في الاخبار كيفية أسئلة السائلين وفي أجوبتهم لا يكاد يشك في أن رؤية الدم كانت عندهم امارة الحيض ما لم يتحقق خلافه الا ترى إلى ما رواه سماعة عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئلته عن المرأة ترى الدم قبل وقت حيضها فقال إذا رأت الدم قبل وقت حيضها فلتدع الصلاة فإنه ربما تعجل بها الوقت فإن كان أكثر أيامها التي تحيض فيهن فلتتربص ثلاثة أيام بعد ما تمضى أيامها فإذا تربصت ثلاثة أيام ولم ينقطع الدم عنها فلتصنع كما تصنع المستحاضة فان المفروض في السؤال ليس إلا رؤية الدم قبل الوقت بل ظاهرة ان السائل لأجل تغيير الوقت تردد في كونه دم الحيض فأجابه الإمام (ع) بوجوب التحيض معللا بامكان خروج الحيض قبل وقته دفعا لاستبعاده فكان الكبرى عندهم أعني عدم الاعتناء بسائر الاحتمالات عند امكان كونه حيضا من الواضحات ويؤيده امره بالتربص ثلاثة أيام فإنه وان كان موافقا للأصل ولكنه لا يخلو عن تأييد وكذا لم يقع السؤال في جملة من الأخبار المستفيضة الواردة في الحامل إلا عن أن المرأة ترى الدم وهي حامل فأجابه الإمام (ع) بوجوب التحيض برؤية الدم معللا في بعضها بان المرأة ربما قذفت الدم وهي حبلى وفي بعضها بأنه ربما بقي في الرحم الدم ولم يخرج بل ظاهر السؤال والتعليل الوارد في هذه الروايات تردد السائل في كونه دم الحيض لزعمه عدم الاجتماع مع الحمل فأجابه (ع) بامكانه ويؤكد المطلوب وضوحا انه لم يقع السؤال في شئ من الاخبار عما يعرف به دم الحيض عن غيره ولم يرد خبر ابتداء يرشدهم إلى ذلك مع أنه لو لم يكن كونه حيضا هو الأصل على ما هو المغروس في أذهانهم لكان ذلك من أهم الأمور خصوصا بالنسبة إلى المبتدئة والمضطربة وانما وقع السؤال في جملة من الاخبار عن حكم صورة الاشتباه عند انقطاع أصالة السلامة التي يتعين بها كون الدم حيضا كما لو اقتضت أو أحست بجوفها قرحة أو استمر بها الدم مدة لا يمكن ان يكون مجموعة حيضا فامرهم الإمام (ع) في مثل هذه الفروض بالرجوع إلى امارات غالبية لتشخيص دم الحيض عن غيره وهذا بخلاف ما لو رأت الدم ابتداء فإنه لم يرد الامر في شئ من الاخبار الا بالتحيض برؤية الدم ولولا أنه الأصل في الدم لكان الواجب على الإمام (ع) ان يكلف المبتدئة مثلا بالاحتياط ثلاثة أيام حتى يتحقق حيضها أو يأمرها بالرجوع إلى معرف شرعي تعبدي كالأوصاف مع أنه (ع) امرها بترك الصلاة عند رؤية الدم ففي موثقة ابن بكير في الجارية أول ما تحيض يدفع عليها الدم فتكون مستحاضة قال إنها تنتظر الصلاة فلا تصلى حتى يمضى أكثر ما يكون من الحيض فإذا مضى ذلك وهو عشرة أيام فعلت ما تفعله المستحاضة وموثقته الأخرى عن الصادق (ع) قال إذا رأت المرأة الدم أول حيضها واستمر الدم تركت الصلاة العشرة أيام [الخ] وموثقة سماعة قال سئلته عن الجارية البكر أول ما تحيض تقعد في الشهر يومين وفي الشهر ثلاثة أيام يختلط عليها لا يكون طمثها في الشهر عدة أيام سواء قال فلها ان تجلس وتدع الصلاة ما دامت ترى الدم ما لم تجز العشرة فإذا اتفق شهر ان عدة أيام سواء فتلك أيامها إلى غير ذلك من الاخبار التي يقف عليها المتتبع فالانصاف انه لا مجال للتشكيك في أن الأصل في الدم الخارج من الموضع المعتاد مطلقا من دون التفات إلى أوصافه هو ان يكون حيضا خصوصا بعد ما عرفت من دعوى غير واحد الاجماع عليه وانه لم يعهد من أحد من الأئمة (ع) أو السائلين وكذا من النساء الاعتناء بسائر الاحتمالات الا بعد احراز مقتضياتها واما اختلاف ألوان الدم وكونه بأوصاف الاستحاضة فليس من الأسباب الموجبة للاعتناء باحتمال كونه استحاضة إذ قلما ينفك الحيض عن اختلاف اللون مع أنه لم يقع السؤال عن حكمه في شئ من الموارد فيكشف ذلك عن عدم معهودية الاعتناء بها لديهم وانما يجب الرجوع إليها في الموارد المنصوصة لأجل النص وما ربما يتوهم من كون دم الحيض وكذا الاستحاضة بأوصافها
(٢٧٢)