رائدها، وحافظها، وحاملها في ذلك الظرف العصيب. وخير شاهد على ذلك هو تلك الفترة التي مر بها النبي صلى الله عليه وآله والمسلمون في أول البعثة حيث كانوا يتحاشون فيها الصدام مع المشركين.
وإن المحافظة على حامل الرسالة من خلال مرونة الرسالة، تكون ضرورية جدا حينما لا يكون للتضحية به فائدة، ولا عائدة. إن لم يكن في ذلك ضرر على الرسالة نفسها حينما تفقد جنديا أمينا من جنودها، ربما تكون في وقت ما بأمس الحاجة إليه.
فكثيرا ما يكون الحفاظ على الاسلام من خلال الحفاظ على جنوده الأبرار الأوفياء، والذين يكونون دائما على استعداد للتضحية في سبيله كلما اقتضى الامر ذلك. فالتقية إنما شرعت للحفاظ على هؤلاء. أما الآخرون، الذين لا يفكرون إلا في أنفسهم، فلا ينفعهم تشريع التقية، ولا عدمه.
ومما يدلنا على أن تشريع التقية إنما هو للحفاظ على الرسالة من خلال الحفاظ على جنودها، وليس ذلك نفاقا، ولا انهزاما. لان هؤلاء المخلصين الذين يراد الحفاظ عليهم هم دائما على استعداد للبذل والعطاء: أن الإمام الحسين عليه السلام الساكت في زمان معاوية هو نفسه الحسين الثائر على يزيد، تحت شعار:
إن كان دين محمد لم يستقم إلا بقتلي يا سيوف خذيني (1) فسكوته هناك كان حفاظا على الدين والحق؟ تماما كما كانت ثورته هنا حفاظا على الحق والدين. وقد تكلمنا على هذه النقطة في حلف ا لفضول.
ولأجل ذلك نجد: أنه إذا توقف الحفاظ على الحق على الفداء والتضحية؟ فإن الاسلام يأمر به، ولا يتسامح مع من يمتنع عنه.
وأيضا، فلو كان في الاسلام جفاف وقسوة؟ فربما يبعث ذلك الفصل الأول: حتى الهجرة إلى الحبشة.