عما تقدم (1) بمقدار ما يجف المتقدم في الزمان المعتدل (2)، انتهى.
وربما يوهم ظاهر هذه العبارات الثلاث، تحديد التفريق المبطل بمقدار حصول الجفاف في الهواء المعتدل، فيقدر ذلك في إفراط الحرارة والبرودة، إلا أن التأمل فيها يقضي بعدم ظهورها في المقدار النوعي للجفاف في الهواء المعتدل، وهو الزمان الموازي لزمان الجفاف، بل يحتمل قريبا إرادة نفس الزمان الشخصي للجفاف، فهو في قوة أن يقال: أن لا يؤخر إلى أن يجف، كما صرح بذلك في العبائر المتقدمة.
فالإنصاف: أن العبارة قابلة للأمرين، لا ظاهرة في المقدار النوعي، ويشهد لما ذكرنا: ملاحظة النظائر العرفية لهذا الكلام، مثل قولك: " جلست عند زيد "، أو " اجلس عنده بمقدار أن يصلي الظهر "، ويشهد لما ذكرنا:
تعبير السرائر (3) في ذيل كلامه بالمقدار، مع أن صدره كما عرفت كالصريح في اعتبار الجفاف الفعلي، وكذلك ملاحظة عبارة القاضي في المهذب (4) والكامل.
وعلى ما ذكرنا من مفاد الكلمات المذكورة، فهي ساكتة عن حكم التفريق مع إفراط حرارة الهواء، ومع قلة الماء، أو حرارة البدن، أو بطؤ الاستعمال، أو تجفيف البدن، فلا يظهر منها إلا حكم الجفاف بالتفريق مع اعتدال الهواء وحكم الجفاف بدون التفريق مع إفراط حرارته ولو مع