لجواز تغاير أحكامها، فتثبت إحداها بالبينة، والأخرى بالشاهد واليمين، والثالثة باليمين المردودة وبالشاهدين واليمين، أو تثبت اثنين منها ويتصالحان في الأخيرة، فهي دعاو متعددة، وصحة كل منها - أي صحة سماعها - متوقف على ثبوت الأخرى الموقوف على صحتها، وكونها مسموعة أيضا يتوقف على صحة الأخرى.
ودفعه: أن سماع كل منها موقوف على احتمال تحقق المدعى به فيها وفي الأخريين، وهو متحقق غير متوقف على شئ، وفائدة كل منها التسلط على أخذ المال بعد تمام الدعاوى الثلاث، أو رفع تسلطه على الوارث. وبذلك تفترق الدعوى على الوارث عن الدعوى على المورث بأن الأخيرة دعوى واحدة غير متوقف مقتضاها على شئ آخر، بخلاف الدعوى على الوارث. وقد تفترق أيضا بأن اليمين في الدعوى مع المورث على البت في نفي المدعى به، وهنا على نفي العلم.
وفيه: أن المورث أيضا إن قال: لا أدري، وادعى المدعي علمه يحلفه على نفي العلم، كما أن الوارث أيضا إن ادعى نفي المدعى به..
وهو أمر ممكن، كما إذا ادعى ثمن الضيعة الفلانية على المورث، وعلم الوارث أداءه في حضوره، أو قال: إني أقرضت مورثك المبلغ الفلاني في اليوم الفلاني في المكان الفلاني، وعلم هو انتفاءه، يحلف على البت في نفي المدعى به، كما صرح به بعض فضلائنا المعاصرين أيضا (1).
ولا دليل على أن يمين الوارث منحصر في يمين نفي العلم، فتأمل.