وأما التخصيص الوسط فلا أرى في الأدلة منه عينا ولا أثرا.
وقد يستدل له بأخبار الاختصاص بالدين منضمة مع تتمة صحيحة البجلي المتقدم صدرها، المتضمنة لادعاء أمير المؤمنين (عليه السلام) على عبد الله بن قفل التميمي عند شريح درع طلحة، حيث وجدها بيده، وقال: " إنها أخذت غلولا " (1) فطلب شريح البينة، فشهد الحسن (عليه السلام)، فقال شريح:
هذا شاهد، ولا أقضي بشهادة شاهد حتى يكون معه آخر، وساق الكلام إلى أن قال: " فغضب علي (عليه السلام) وقال: خذوها " أي الدرع " فإن هذا قضى بجور ثلاث مرات " ثم أخذ في عد تلك الثلاث، إلى أن قال: " ثم أتيتك بالحسن فشهد، فقلت: هذا واحد، ولا أقضي بشهادة واحد حتى يكون معه آخر، وقد قضى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بشهادة واحد ويمين " الحديث (2).
فإن الدرع كانت عينا موجودة لا دينا، فيعلم أن القضاء بذلك لا يختص بالدين المعهود، بل المراد من الدين مطلق المال، كما قد يحمل عليه كلام النهاية (3)، ويشعر كلام بعض اللغويين إلى أنه مطلق الحقوق (4).
وفيه: أنه يمكن أن تكون تخطئته في قوله: " ولا أقضي بشهادة شاهد حتى يكون معه آخر " حيث أتى بالنفي للماهية الدال على العموم، بل هو الظاهر، حيث ذكر (عليه السلام) في مقام تعداد الخطأ ذلك القول لا عدم حكمه في الواقعة بالشهادة واليمين.
ويدل عليه أيضا استشهاده بقضاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) مطلقا من غير بيان