ليس حكما، بل إخبار.
ولو طلب المدعي كتابة الحجة على المدعى عليه ليكون في يده، ففي وجوب إجابته وعدمه قولان، أشهرهما - كما صرح به في المفاتيح (1) وشرحه وغيرهما (2) - الوجوب.
وحكى في المبسوط قولا بعدمه (3) واختاره بعض متأخري المتأخرين، للأصل. وهو الحق، لأنه إن كان لإنشاء الحكم فقد حكم لفظا ولا يجب غيره، وإن كان لاستمراره والدوام عليه بعد ذلك فأي دليل على وجوب ذلك؟! فإنه قد لا يحتاج إليه بعد ذلك، ولو احتاج فقد لا ينساه الحاكم أو الشهود على الحكم، وإن نسيه فقد لا يتذكر بملاحظة الكتابة.
ولذا اقتصر جمع من المتأخرين في إيجاب الكتابة بما إذا توقف إيصال الحق المحكوم به عليها.
وهو أيضا غير سديد، لأنه لا يختص بالكتابة ولا بالحاكم، بل يجب على كل أحد الإيصال بما أمكنه من باب الأمر بالمعروف، فلا وجه حينئذ للتخصيص بالكتابة، فإنه قد يحصل الأثر بنصب أحد على الأخذ منه، أو إعلام مقتدر برسالة، أو برفع صوت وغلظة عليه، أو بتخويف، أو غير ذلك من الوجوه.
وقد يتوقف على أحد هذه الأمور، فذكر الكتابة وإيجابها بخصوصها لا وجه له.
هذا، مع أن ترتب الأثر على الكتابة غالبا يكون بإراءتها لمقتدر على إجراء الحكم فيجريه، فهو إن أجراه بمجرد الكتابة من غير ضم بينة معها - كما هو المتعارف في هذه الأزمنة - فهو غير جائز، والكتابة - لأجل ذلك -