الناس كما تدل عليه صحيحتا ابن وهب المتقدمتان ففيه - مضافا إلى أن المذكور في إحداهما أن الأمر بالتمام بعد خمسة أيام لذلك، حيث إن الاتمام بعدها مذهب الشافعي (1)، ومنه يظهر تقييد الأخرى بذلك أيضا فلا يجري في الأخبار الآمرة بالتمام مع المرور ويوم الورود وصلاة واحدة -: أن غاية ما تدلان عليه أن الأمر بالتمام وإلزامه إنما هو للتقية عن تخلفهم عن الناس في الصلاة لا عن مخالفتهم في القصر والاتمام ولا في تجويز الاتمام دون تجويزه.
مع أنهما معارضتان مع ما يدل على أن الأمر بالتمام ليس للتقية بل هو مخالف للعامة، كما في صحيحة البجلي: إن هشاما روى عنك أنك أمرته بالتمام في الحرمين وذلك من أجل الناس، قال: " لا، كنت أنا ومن مضى من آبائي إذا وردنا مكة أتممنا الصلاة واستترنا من الناس " (2).
ونحو ما يدل على أن الاتمام من الأمور المخزونة أو المذخورة كما في المستفيضة من الأخبار المتقدمة، فإن المخزون إنما يكون فيما يخالف العامة.
ومع ذلك يدل أكثر تلك الأخبار على أن التمام أمر مخصوص بتلك الأماكن ولا وجه لتخصيص التقية بها، لأن العامة إنما يخيرون بين القصر والاتمام أو يوجبون القصر وهو مذهب أبي حنيفة.
ومنه يظهر أن حمل أوامر التقصير على التقية أولى - كما صرح به جماعة من أصحابنا (3) - لاتفاقهم على جواز القصر مع اشتهار مذهب أبي حنيفة قديما وحديثا.
وعلى هذا يكون الترجيح من هذه الجهة لأخبار التمام والتخيير، مضافا إلى الترجيح باعتبار الأشهرية رواية وفتوى.