الغنية من عدم الخلاف فيه، مع إمكان المناقشة في أدلة المنع بمعارضة الأصل بما دل على لزوم مراعاة حق المسلم عن الذهاب في نفس الأمر، فيجب فيه التكفيل ولو من باب المقدمة.
وبه يظهر الجواب عن الثاني، فإن التكفيل وإن كان ضررا إلا أن ذهاب الحق أيضا ضرر آخر، وعلى الحاكم مراعاة الأقل منهما ضررا، وقد يكون التكفيل أقل ضررا.
وأما أنه لا فائدة في التكفيل قبل إثبات الحق فمسلم إن تحقق عدم إمكان إثبات الحق أصلا في نفس الأمر، ولكنه غير متحقق بعد احتمال حضور البينة وثبوت الحق بها فيلزم الكفيل إحضاره، أو الالتزام بالحق إن ثبت وهرب المدعى عليه ولم يكن له مال يقتص منه.
ومنه يظهر الجواب عن الأخير، فإن الحكم عليه وهو غائب غير كاف في التخلص عن احتمال ذهاب الحق بعد فرض عدم مال له يقتص منه، واحتمال عدم الوصول إليه ليداعيه وقياس المقام على إثبات الحق على الغيب قياس مع الفارق، لإمكان التكفيل هنا وعدمه ثمة حين غياب الغائب.
فإذا القول الأول لا يخلو عن رجحان إن خيف هرب المنكر وعدم التمكن من استيفاء الحق بعد ثبوته من ماله. ولو لم يخف عن ذلك أمكن ترجيح الثاني.
وبهذا التفصيل صرح الفاضل المقداد في شرح الكتاب، فقال - ولنعم ما قال - ويقوى أن التكفيل موكول إلى نظر الحاكم، فإن الحكم يختلف باختلاف الغرماء فإن الغريم قد يكون غير مأمون فالمصلحة حينئذ تكفيله، وإلا لزم تضييع حق المسلم، وقد لا يكون كذلك، بل يكون ذا ثروة وحشمة ومكنة فلا حاجة إلى تكفيله، لعدم ثبوت الحق والأمن من ضياعه، وربما