هذا، وذكر شيخنا في المسالك: أنه لا يكفي اجتهاد القاضي في بعض الأحكام دون بعض على القول بتجزؤ الاجتهاد (1) أيضا، ولم ينقل فيه خلافا.
وظاهره يعطي الاتفاق على المنع من قضاء المتجزئ، وينبغي القطع به مع وجود المجتهد المطلق والتمكن منه، للأمر بالرجوع إلى الأعلم في مقبولة عمر ابن حنظلة الطويلة (2)، ونحوها من أخبار كثيرة (3).
وما يستفاد من الروايتين من حرمة التحاكم إلى حكام الجور مجمع عليه بيننا وغيرهما من الروايات مستفيضة به، بل متواترة جدا، مضافا إلى الآية الكريمة المذكورة فيها، ويستفاد منهما عدم جواز أخذ شئ بحكمهم وإن كان له حقا، وهو في الدين ظاهر، وفي العين مشكل، لكن العموم مقتضاهما.
وفي المسالك وغيره استثنى من الحكم بتخطئة التحاكم إليهم ما لو توقف حصول حقه عليه، فيجوز كما يجوز الاستعانة على تحصيل الحق لغير القاضي، قال: والنهي في هذه الأخبار وغيرها محمول على الترافع إليهم اختيارا، مع إمكان تحصيل الغرض بأهل الحق. قال: وقد صرح به في خبر أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أيما رجل كان بينه وبين أخ له مماراة في حق فدعاه إلى رجل من إخوانه ليحكم بينه وبينه فأبى إلا أن يرافعه إلى هؤلاء كان بمنزلة هؤلاء الذين قال الله عز وجل: «ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى