ونحو عبارة هؤلاء عبارة الإسكافي المتقدمة وغيرها مما هو ظاهر في اعتبار المعاشرة الباطنية، كما في النصوص المتقدمة.
وحينئذ فلا منافاة بين القول بحسن الظاهر لهذا المعنى مع القول بالملكة، فإن القائلين بها لم يذكروا في معرفتها زيادة على المعاشرة الباطنية، حيث قالوا: لا بد من الخبرة الباطنية والمعرفة المتقاومة. وحينئذ فلا نزاع بين من لا يعتبر ظاهر الإسلام في اشتراط المخالطة الباطنية في المعرفة بالعدالة.
نعم ربما يستفاد من جمع وجود قول بالاكتفاء بحسن الظاهر، فإن أريد به ما مر من حسن الظاهر بعد الاختبار بالخبرة الباطنية فلا منازعة، وإن أريد به حسن الظاهر بدونه بل حسنه من حيث عدم رؤية خلل منه مع عدم العلم بتمكنه منه وعدمه فلا دليل عليه، مع قيام الأدلة فتوى ورواية - كما عرفته - على خلافه، مع أن حسن الظاهر بهذا المعنى لا يكاد يظهر فرق بينه وبين ظاهر الإسلام.
وحسن الظاهر بالمعنى الذي ذكرناه لا يكاد ينفك عن الملكة، إذ مع عدمها يبعد غاية البعد أن لا يظهر منه خلل أصلا لأحد ممن يختبره باطنا، كما لا يخفى. ولعله لذا لم ينقلوا في تعريف العدالة بالملكة خلافا.
(الثالثة: تسمع شهادة التعديل مطلقة) من غير أن يبين سببه. (ولا تسمع شهادة الجرح إلا مفصلة) مبينة للسبب في المشهور بين الأصحاب، على الظاهر المصرح به في المسالك (1) وغيره.
استنادا في الأول: إلى أن العدالة تحصل بالتحرز عن أسباب الفسق، وهي كثيرة يعسر ضبطها وعدها.