وبها يخص الأصل الذي مر، سيما بعد التأيد بأصالة عدم إلزام المدعي بكلفة الترافع إلى الحاكم، وإقامة البينة وإحضارها، مع تشتتها، واحتمال رد الحاكم لها أو غيره مما يوجب سقوط الحكم، كما قيل (1). فتأمل.
والعجب من بعض الأصحاب حيث استدل للمختار بما روي (2) عنه (صلى الله عليه وآله) أنه لما قالت له هند: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح وأنه لا يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه سرا وهو لا يعلم فهل علي في ذلك شئ؟
فقال (صلى الله عليه وآله): خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف (3)، فإن فيه أن أمره (صلى الله عليه وآله) لها بذلك لعله إذن منه لها من قبل ولايته على زوجها الممتنع، إلا أن يمنع بتوقفه على استئذان هند إياه في ذلك، والحال أنها قد سألته والسؤال يقتضي كون الأمر جوابا عن مسألة، لا إذنا عن الممتنع ورخصته. وفيه نظر.
(ولو فات أحد الشروط) المتقدمة، بأن كان دعواه عينا أو دينا والغريم منكر لا حجة له عليه أو مقر غير باذل أو باذل مماطل مع عدم إمكان الانتزاع بالحاكم (وحصل للغريم في يد المدعي مال كان له المقاصة) وأخذه عوضا من حقه من غير زيادة، بلا خلاف أجده فيما إذا لم يكن مال وديعة، وبه صرح جماعة، بل يفهم الإجماع عليه من الغنية (4). وهو الحجة; مضافا إلى قوله سبحانه: «فمن اعتدى عليكم» (5) الآية، وقوله عز شأنه:
«فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به» (6)، وفحوى النبوي «لي الواجد يحل عقوبته وعرضه» (7)، وخصوص النصوص المستفيضة، التي كادت تكون متواترة: