(ويلحق بهذا الباب مسائل) ثلاث:
(الأولى: التبرع بالأداء) أي أداء الشهادة (قبل الاستنطاق) وطلب الحاكم إياه من الشاهد (يمنع القبول) منه مطلقا، سواء كان قبل دعوى المدعي، أم بعدها، بلا خلاف أجده، وبه صرح في الكفاية (1)، ويظهر من المسالك (2) وغيره، واحتمله اجماعا بعض الأجلة (3).
قالوا: (لتطرق التهمة) بذلك فيدخل في عموم الأدلة الدالة على كونها مانعة عن قبول الشهادة، وللنبوي: في معرض الذم: ثم يجيء قوم يعطون الشهادة قبل أن يسألوها (4)، وفي لفظ آخر: «ثم يفشوا الكذب حتى يشهد الرجل قبل أن يستشهد» (5).
وفيهما - لولا فتوى الأصحاب - نظر، يظهر وجهه بالتدبر فيما ذكره بعض من تأخر، حيث قال بعد نقلهما معترضا: وأنت تعلم أن التهمة غير ظاهرة، خصوصا إذا كان جاهلا، فإنا نجد كثيرا من يشهد قبل الاستشهاد من غير ميل إلى إثبات المشهود، بل قد يكون إلى عدمه أميل، لغرض مثل فقر المشهود عليه، أو مصاحبته، أو عداوة المشهود له، اعتقادا لوجوب الشهادة وتحريم كتمانها.
كيف! والعدالة تمنع من الشهادة على الكذب مع العلم بقبحه، والوعيد في الكتاب والسنة، وتحريمه بإجماع المسلمين، والرواية المذكورة ما نعرف سندها، فضلا عن صحتها ومعارضتها بمثلها، والظاهر أنها عامية.
وبالجملة رد شهادة العدل بمجرد ذلك مع وجوب قبول العدل وعدم رده