والضعف بالإرسال مجبور بعمل الأصحاب، وبما يظهر من الانتصار من كونها رواها الأصحاب، حيث قال: «ومما انفردت به الإمامية القول بجواز شهادة ذوي الأرحام والقرابات بعضهم لبعض إذا كانوا عدولا» من غير استثناء لأحد إلا ما يذهب إليه بعض أصحابنا معتمدا على خبر يروونه: من أنه «لا يجوز شهادة الولد على الوالد وإن جازت شهادته له» (1) انتهى.
وظاهر أصحابنا المتأخرين عدم الظفر بهذه الرواية، حيث لم يستدلوا على المنع بها بل بما مر من الإجماع، وبقوله تعالى: «وصاحبهما في الدنيا معروفا» (2)، قالوا: وليس من المعروف الشهادة عليه والرد لقوله وإظهار تكذيبه، فيكون ارتكاب ذلك عقوقا مانعا من قبول الشهادة.
ولا يخفى عليك ضعف هذه الحجة الأخيرة، فإن قول الحق ورده عن الباطل وتخليص ذمته من الحق عين المعروف، كما نبه عليه في النبوي:
أنصر أخاك ظالما أو مظلوما، فقيل: يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) كيف أنصره ظالما؟!
قال: ترده عن ظلمه فذاك نصرك إياه (3)، ولأن إطلاق النهي عن عصيان الوالد يستلزم وجوب إطاعته عند أمره له بارتكاب الفواحش وترك الواجبات وهو معلوم البطلان، ولأن ذلك لو تم لاقتضى منع قبول شهادته على الوالدة للنهي عن معصيتها أيضا ولم يقولوا به.
هذا، ولو سلم فغايته إفادة المنع لو استلزم الشهادة عقوقا، بأن يواجه الأب بالشهادة عليه ونحو ذلك فيسخطه عليه، وهذا لا يستلزم المنع مطلقا، ولو لم يستلزمه، بأن شهد عليه عند الحاكم سرا بحيث لا يطلع عليه أحد يخبر أباه بذلك. فتأمل جدا.