ومع ذلك فالآية المزبورة معارضة بآية اخرى، وهي على الجواز أنص وأظهر منه دلالة، وهي قوله تعالى: «كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين» (1).
وأما الجواب عنها بأن الأمر بالإقامة لا يستلزم القبول، فمع أنه لا يجامع الاستدلال بالآية المتقدمة على المنع عن إقامة الشهادة يضعف بأنه لولا القبول لزم العبث في إقامتها، وبأنه معطوف على القبول، وهو الشهادة على نفسه، ومعطوف عليه القبول، وهو الشهادة على الأقربين فلو كان غير مقبول لزم عدم انتظام الكلام. وهو محال.
هذا، مع أن الأمر بالإقامة يستلزم القبول بالإضافة إلى الوالدة بلا خلاف أجده، فيجب أن يستلزم بالإضافة إلى الوالد أيضا، لأنهما ذكرا في كلمة واحدة. ومع ذلك فسياق الآية - زيادة على ما مر إليه الإشارة - كالصريح في أن المقصود من الأمر بالإقامة قبول الشهادة لا غيرها من نحو تذكير المشهود عليه على الحق وتنبيهه عليه.
وبالجملة لا ريب في دلالة الآية على قبول الشهادة.
وبموجب ذلك يشكل القول بالمنع في المسألة، سيما مع ورود نصوص كثيرة بمقتضى الآية، وقصور الأسانيد منجبر بالموافقة لها بلا شبهة، ولهذا احتج إلى القول بالقبول جماعة، كأبي العباس في المقتصر (2) والشهيدين في الدروس (3) والمسالك (4) والفاضل المقداد في شرح الكتاب (5) والصيمري (6) والمقدس الأردبيلي (رحمه الله) (7) وغيرهم من متأخري