في الوضع، فان الشرط إن لم يرجع إلى الموضوع له كان المعنى الموضوع له في الحرف والاسم مطلق المعنى بلا قيد ولا شرط. وانما ثبت الاشتراط بالاستعمال الآلي في الحرف، والاستقلالي في الاسم بنحو الاستقلال بلا دخل له في الموضوع له، وذلك يقتضي صحة استعمال أحدهما موضع الاخر، إذ الشرط المزبور لم يحدد ما يقتضيه وضع كل منهما بنفسه بعد أن كان خارجا عن دائرة الموضوع له والاعتبار الوضعي، بل هو مستقل له اقتضاء مستقل عن الاقتضاء الوضعي.
وعليه، فيرجع المحذور كما هو بلا اندفاع.
وثانيا: لو سلم ان هذا الشرط وان كان مأخوذا بنحو تعدد المطلوب الا انه لازم الاتباع لجهة ما، ككون الواضع هو الله، وان ذلك - أعني الاشتراط - يرجع إلى إلزامه تعالى بالاستعمال بهذه الكيفية، لو سلم ذلك فهو انما يقتضي في صورة المخالفة وعدم الالتزام بالشرط المزبور مخالفة حكم شرعي وعصيان تكليف إلهي، لا انه يقتضي عدم صحة الاستعمال ان كان الموضوع له هو المعنى المطلق، فان الشرط يرجع إلى الالزام منه تعالى - كما عرفت - فمخالفته مخالفة إلزام لا أكثر.
الثاني: ارجاع القيد باللحاظ الآلي أو الاستقلالي إلى العلقة الوضعية.
وتقريب ذلك: ان العلقة الوضعية المصححة للاستعمال الناشئة عن الاعتبار والوضع، قد تكون ثابتة في مطلق الأحوال بين اللفظ والمعنى، فيصح استعمال اللفظ في المعنى مطلقا وفي كل حال. وقد تكون ثابتة في حال معين فلا يصح استعمال اللفظ في المعنى الا في ذلك الحال دون غيره من الأحوال. فالفرق بين الأسماء والحروف، ان الأسماء وضعت للمعاني ولكن قيدت العلقة الوضعية - بمعنى قيد حصولها - بين الاسم والمعنى في حال اللحاظ الاستقلالي، فلا تحصل الا في هذا الحال، فمع اللحاظ الآلي لا علقة بين الاسم والمعنى فلا يصح الاستعمال، والحروف وضعت لمعانيها ولكن قيد حصول العلقة بينهما في حال