ومما ينبغي الالفات إليه: ان الإشارة الذهنية لا بد من ارتباطها بالمفهوم العام المتصور، وذلك بتوسيط مفهوم آخر يكون رابطا بينهما. فمثلا، إذا تصورنا مفهوم الانسان واردنا الوضع لافراده الجزئية نأتي بما يشير إليها ونربطه بمفهوم الانسان بواسطة مفهوم آخر فنقول: (ما هو فرد للانسان) أو (ما ينطبق عليه الانسان) ونحوهما.
والسر فيه واضح: فان الاتيان بالإشارة بلا ربطها بالمفهوم العام المتصور وهو (الانسان) - مثلا - يكون من قبيل ضم الحجر إلى جنب الانسان في عدم الأثر والمناسبة، ولا يصح الوضع بذلك أصلا لعدم تعين الموضوع له وانه افراد مفهوم معين فلا تتحقق به نتيجة الوضع وغرضه، وهو حصول الانتقال إلى الموضوع له عند ذكر اللفظ للجهل به. مضافا إلى عدم كونه من الوضع العام والموضوع له الخاص، لعدم ارتباط المفهوم العام المتصور بالموضوع له.
وبالجملة: فضرورة ربط الإشارة بالمفهوم العام المتصور بواسطة رابط ما امر لا يحتاج إلى مزيد بيان، فإنه من مقتضيات طبيعة الوضع وغرضه.
واما القسم الرابع: - وهو الوضع الخاص والموضوع له العام - فالحق امتناعه وعدم امكانه.
وذلك: لما عرفت في الوضع العام والموضوع له الخاص، من أن امكانه كان بواسطة الاستعانة بالإشارة الذهنية إلى المفاهيم الجزئية، ولا طريق لامكانه غير هذا الطريق.
وهذا الطريق لا يتأتى في هذا القسم، وذلك لأنه لو تصورنا مفهوما جزئيا كمفهوم (زيد) واردنا الوضع لكلية المنطبق عليه بلا تصوره فلا بد لنا من الإشارة إليه، وقد عرفت ضرورة ربط الإشارة بالمعنى المتصور، وكل مفهوم نفرضه رابطا للإشارة بالمفهوم الجزئي المتصور يكون كليا وذلك كمفهوم (كلي) أو (منطبق)، فنقول: (ما هو كلي زيد أو ما هو منطبق على زيد)، ومن الواضح