وبالجملة: أسماء الإشارة موضوعة لمعاني يشار إليها بها من دون أخذ الإشارة والتشخص الخارجي في الموضوع له، كما لم يؤخذ اللحاظ في معنى الحرف والاسم (1).
ويرد على ما ذكره - بحسب النظر الأولي - وجهان:
الأول: ان الإشارة الخارجية إنما تتعلق بالفرد دون الطبيعة والكلي بما هو كلي، وعليه فيمتنع ان تكون أسماء الإشارة موضوعة ليشار بها إلى معانيها مع الالتزام بان معانيها كلية.
ولا مجال لتوهم امكان إرادة الفرد من اللفظ وان كان موضوعا للكلي - فيمكن دعوى تعلق الإشارة بمعنى اسم الإشارة بهذا الاعتبار لان الفرد يكون على هذا معنى اسم الإشارة في مرحلة الاستعمال - كسائر الألفاظ الموضوعة للطبائع، فإنه يمكن إرادة الفرد منها كقولك: (أكلت الخبز) و (دخلت السوق)، إذ الأكل والدخول انما يتعلقان بفرد الخبر والسوق لا بالطبيعة.
لان ذلك - أعني دعوى إرادة الفرد من اللفظ - خلاف المدعى أيضا، إذ المدعى ان المستعمل فيه عام كالموضوع له.
مضافا إلى أنه ممنوع في نفسه، فان اللفظ الموضوع للطبيعة لا يستعمل في الفرد في أي مورد كان لاستلزامه شيوع المجاز في المحاورات، لكثرة إرادة الفرد من اللفظ مع أنه غير الموضوع له، فالالتزام باستعمال اللفظ فيه التزام بالمجاز في جميع هذه الموارد وهو خلاف الوجدان، لذلك التزم القوم في مثل هذه الموارد بان المستعمل فيه ليس هو الفرد، بل هو الكلي لكن بلحاظ انطباقه على هذا الفرد وبتطبيقه على الشخص المعين، فذكر اللفظ الموضوع للمعنى الكلي وإرادة الفرد يكون من باب الاطلاق لا من باب الاستعمال في الفرد، فلا يكون .