بمعونة القرينة.
وأما على الثاني فلأن اعتبار الملازمة أو نحوها بين لفظ خاص ومعنى خاص مقدم على الاستعمال بالضرورة وإن كان المبرز لذلك الاعتبار نفس الاستعمال مع نصب القرينة على ذلك، فالنتيجة أن الاستعمال متأخر عن الوضع، ولا يلزم محذور الجمع بين اللحاظ الآلي والاستقلالي إذا قصد الوضع بالاستعمال على جميع المباني والمسالك في تفسير حقيقة الوضع، على أساس أنه أمر نفساني ثابت في أفق النفس، والاستعمال أمر خارج عن أفق النفس وكاشف عنه، فلذلك يكون الوضع سابقا على الاستعمال دائما.
الثانية: مع الاغماض عن ذلك وتسليم أن الاستعمال مقارن للوضع فمع ذلك إذا قصد الوضع بنفس الاستعمال لم يلزم من تحقق الوضع به محذور الجمع بين اللحاظ الآلي والاستقلالي في شئ واحد، لأن لزوم هذا المحذور مبتن على مسلك المشهور في باب الاستعمال، حيث إنهم يرون أن اللفظ في مقام الاستعمال ملحوظ آليا وفانيا في المعنى.
وأما بناء على ما هو الصحيح من أن حال الألفاظ حال المعاني في مرحلة الاستعمال، فكما أن المعاني ملحوظة استقلالا فكذلك الألفاظ، فإن المتكلم حين الاستعمال كما يلتفت إلى المعاني وما لها من الخصوصيات يلتفت إلى الألفاظ وما لها من الخصوصيات ككونها عربية أو فارسية أو غير ذلك، فلا يلزم من الجمع بين الوضع والاستعمال الجمع بين اللحاظ الآلي والاستقلالي.
فالنتيجة أن الوضع التعييني الاستعمالي بمكان من الامكان (1).