فمن أجل ذلك تصلح الجملة التامة لاصدار حكم تصديقي عليها دون الناقصة.
وبكلمة، إن الجملة التامة تتميز عن الجملة الناقصة في المدلول التصوري والتصديقي معا، أما في الأول فلأن الجملة التامة موضوعة للدلالة على النسبة التي تلحظ بالنظر التصوري فانية في واقع مفروغ عنه في الخارج، فإذا قيل (زيد عالم) كان المتبادر منه في الذهن النسبة بينهما كذلك، والجملة الناقصة موضوعة للدلالة على النسبة التي لم تلحظ كذلك إلا فانية في نفسها، ولهذا كان ذلك هو المتبادر منها عرفا، فإذا قيل (غلام زيد) مثلا أو (الصلاة في المسجد) كان هذا هو المنسبق منه، وأما في الثاني فلأن المدلول التصديقي للجملة التامة هو قصد الحكاية عن ثبوت النسبة في الواقع أو نفيها فيه، وهذا عبادة أخرى عن أن غرض المتكلم من احضارها في ذهن السامع، هو جعلها وسيلة وموردا للحكم التصديقي في الخارج، ولهذا يصح السكوت عليها، بينما المدلول التصديقي للجملة الناقصة هو قصد تفهيم نفسها واخطارها في ذهن السامع بدون جعلها موردا للحكم التصديقي ووسيلة له.
إلى هنا قد استطعنا أن نخرج بهذه النتيجة، وهي أن الجملة إذا كان مفادها موردا للحكم التصديقي خارجا، فهي تامة ويصح السكوت عليها في مقام الافادة، وإذا لم يكن مفادها كذلك، فهي ناقصة ولا يصح السكوت عليها.
هذا تمام كلامنا في تعيين مدلول الجملة الناقصة والتامة وامتياز مدلول الأولى عن مدلول الثانية.
وأما الكلام في المقام الثالث فيقع في موردين:
الأول: في الجمل المتمحضة في الانشاء.