فردا واحدا أو فردين.
ويمكن تقريب ذلك بطريق آخر، وهو أن للمبدأ نسبتين: نسبة إلى مفعوله، ونسبة إلى فاعله، وهاتان النسبتان متقابلتان بتقابل التضايف لدى المتفاهم العرفي الارتكازي، مثلا للعلم نسبتان:
نسبة إلى العالم، ونسبة إلى المعلوم، والأولى نسبة فاعلية، والثانية نسبة مفعولية، فإذا فرض أن زيدا كان يعلم باجتهاد عمرو مثلا فزيد عالم واجتهاد عمرو معلوم، ونسبة العلم إلى زيد نسبة فاعلية، ونسبته إلى اجتهاد عمرو نسبة مفعولية، ويستحيل انفكاك إحدى النسبتين عن الأخرى، باعتبار أنهما متضايفتان، فلا يعقل الانفكاك بينهما، وإلا لزم الخلف، وعلى هذا فإذا زال المبدأ وهو العلم عن زيد في المثال، فقد زال عن اجتهاد عمرو أيضا، ويستحيل بقاؤه على صفة المعلومية مع زوال صفة العالمية عن زيد، لفرض أنه كان معلوما بعلمه لا بعلم آخر، والمفروض أن علمه قد زال، فإذن كما يقع الكلام في أن إطلاق العالم على زيد بعد زوال العلم عنه، هل هو إطلاق حقيقي أو مجازي، فعلى القول بوضع المشتق للجامع، حقيقي، وعلى القول الآخر مجازي، كذلك يقع الكلام في أن إطلاق المعلوم على اجتهاد عمرو بعد انقضاء صفة العلم عنه وزوالها، هل هو حقيقي أو مجازي، فعل القول الأول حقيقي وعلى الثاني مجازي، وعلى ذلك فلا يمكن التفكيك بين اسم الفاعل واسم المفعول، باعتبار أن كلتا الهيئتين مشتركة في مادة واحدة، فطالما المادة باقية، فالتلبس فعلي في كليهما، وإذا زالت وانقضت، فقد زالت عن كليهما معا، فما ذكره قدس سره من عدم تصور حالة الانقضاء في اسم المفعول لا يرجع إلى معنى محصل، بداهة أنها لو لم تتصور في اسم المفعول لم تصور في اسم الفاعل أيضا بملاك التقابل بينهما.