الناقصة موضوعة للدلالة على قصد اخطار النسبة والحصة في الذهن تصورا، ولكن تقدم موسعا أن هذا المسلك غير تام، فإذن لا يمكن الالتزام بهذا الفرق.
وثانيا: مع الإغماض عن ذلك وتسليم أن حقيقة الوضع هي التعهد والتباني إلا أن ذلك لا يقتضي إلا أن يكون متعلقه فعلا اختياريا، وأما كون الجملة التامة موضوعة لقصد الحكاية والاخبار، والناقصة لقصد الاخطار في الذهن، فهو لا يقتضي ذلك، وعلى هذا فوضع الأولى بإزاء قصد الحكاية والثانية بإزاء قصد الاخطار بحاجة إلى نكتة في المرتبة السابقة تبرر ذلك، والمفروض أنه ليس هناك أي نكتة تبرره.
وعلى هذا فما ذكره السيد الأستاذ قدس سره من أن الوضع على مسلكنا يقتضي كون الجملة التامة موضوعة للدلالة على قصد الحكاية، والجملة الناقصة موضوعة للدلالة على قصد الاخطار يكون بدون مبرر.
وإن شئت قلت: إن الوضع بمعنى التعهد يقتضي كون الدلالة الوضعية دلالة تصديقية بأن يكون متعلقه الإرادة والقصد، وعليه فالوضع لا يقتضي أن يكون متعلقه قصد الحكاية في الجملة التامة وقصد الاخطار في الجملة الناقصة، فالتعيين بحاجة إلى معين.
وثالثا: مع الاغماض عن ذلك أيضا وتسليم أن الوضع يقتضي التعيين، إلا أن هذا المدلول التصديقي لا يصلح أن يكون فارقا بين الجملتين، حيث إن الفرق بينهما موجود في الحالات التي لا يكون للجملة التامة ذلك المدلول التصديقي، كما في الحالات التي تكون الجملة التامة مدخولا عليها أداة الاستفهام، كما في مثل قولك (هل زيد عالم)، فإنه إذا دخلت عليها أداة الاستفهام انسلخت عن مفهومها التصديقي وهو قصد الحكاية، ومع هذا يكون الفرق بينهما محفوظا من