وأما على الاحتمال الثاني، فالظاهر أنها موضوعة بالوضع التعيني للأعم أيضا، وذلك لما تقدم من أن كثرة استعمالها في المعاني الشرعية في لسان الشارع والمتشرعة من الصحابة والتابعين تكون بدرجة تؤدي إلى الوضع التعيني لها واتصافها بالمنبه الشرطي، هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى، الظاهر أن هذا الاستعمال من الشارع في نصوص الكتاب والسنة كان في الأعم وتكشف عن ذلك شيوع الاستعمال في الأعم عند المتشرعة، إذ احتمال أنهم قاموا بوضعها للأعم تعيينا أو تعينا بعيد جدا، فإن الظاهر أنهم تابعون لنصوص الكتاب والسنة في الاستعمال، فلو كانت مستعملة في تلك النصوص في الصحيح، فمن المستبعد جدا أن يكون استعمال المتشرعة على خلافها، واحتمال أن توسع الحاجة قد دعاهم إلى الاستعمال في الأعم رغم أنها كانت مستعملة في زمن الشارع في الصحيح ضعيف جدا، إذ لو كان الأمر كذلك لنبهوا على هذه المخالفة، مع أنه كان بإمكانهم إشباع هذه الحاجة بالاستعمال المجازي، هذا إضافة إلى ما تقدم آنفا من أن الحاجة إلى الاستعمال في الأعم ليست بدرجة تتطلب كثرة الاستعمال فيه بنحو توجب الوضع التعيني.
وأما على الاحتمال الثالث فليس لنا طريق إلى إحراز الوضع التعييني الاستعمالي من قبل الشارع للصحيح، وأما للأعم فيمكن ذلك بوجهين:
الأول: أنه لا شبهة في أن المتشرعة كانوا يستعملون أسامي العبادات في الأعم بدون عناية، بمعنى أن استعمالها في الصحيح كاستعمالها في الفاسد على حد سواء، وهذا يكشف عن الوضع الأعم وأن استعمالها في كل من الصحيح والفاسد إنما هو باعتبار مصداقيته له، إذ احتمال تخلف المتشرعة عما صنعه الشارع من الوضع غير محتمل عادة، فإنهم بصفة كونهم تابعين له في العبادات