الله عليه وآله وسلم راقدا قط قبل العشاء، ولا متحدثا بعدها، فإن هذه الآية نزلت في ذلك (تتجافى جنوبهم عن المضاجع). وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال. تتجافى جنوبهم عن المضاجع قال: هم الذين لا ينامون قبل العشاء فأثنى عليهم، فلما ذكر ذلك جعل الرجل يعتزل فراشه مخافة أن تغلبه عينه فوقتها قبل أن ينام الصغير ويكسل الكبير. وأخرج ابن مردويه عن بلال قال: كنا نجلس في المسجد وناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلون بعد المغرب العشاء تتجافى جنوبهم عن المضاجع. وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن عدي وابن مردويه عن أنس نحوه. وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود ومحمد ابن نصر وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في سننه عن أنس في قوله (تتجافى جنوبهم عن المضاجع) قال: كانوا ينتظرون ما بين المغرب والعشاء يصلون. وأخرج أحمد وابن جرير وابن مردويه عن معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قوله (تتجافى جنوبهم) قال: قيام العبد من الليل. وأخرج أحمد والترمذي وصححه والنسائي وابن ماجة وابن نصر في كتاب الصلاة وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وذكر حديثا وأرشد فيه إلى أنواع من الطاعات وقال فيه " وصلاة الرجل في جوف الليل، ثم قرأ (تتجافى جنوبهم عن المضاجع) ".
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة مرفوعا في حديث قال فيه " وصلاة المرء في جوف الليل، ثم تلا هذه الآية ".
وأخرج ابن مردويه عن أنس في الآية قال: كان لا تمر عليهم ليلة إلا أخذوا منها. وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد من طريق أبي عبد الله الجدلي عن عبادة بن الصامت عن كعب قال " إذا حشر الناس نادى مناد:
هذا يوم الفصل أين الذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع " الحديث. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في الآية يقول: تتجافى لذكر الله كلما استيقظوا ذكروا الله، إما في الصلاة، وإما في القيام أو قعود، أو على جنوبهم لا يزالون يذكرون الله. وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير ومحمد بن نصر وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وصححه والبيهقي في البعث عن ابن عباس قال: كان عرش الله على الماء فاتخذ جنة لنفسه، ثم اتخذ دونها أخرى، ثم أطبقهما بلؤلؤة واحدة، ثم قال - ومن دونهما جنتان - لم يعلم الخلق ما فيهما. وهي التي قال الله (فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين) تأتيهم منها كل يوم تحفة. وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال: إنه لمكتوب في التوراة: لقد أعد الله للذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع ما لم تر عين ولم تسمع أذن ولم يخطر على قلب بشر ولا يعلم ملك مقرب ولا نبي مرسل، وإنه لفي القرآن (فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين). وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال الله تعالى " أعددت لعبادي الصالحين مالا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. قال أبو هريرة: واقرأوا إن شئتم (فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين) ". وفي الباب أحاديث عن جماعة من الصحابة، وهي معروفة فلا نطول بذكرها. وأخرج أبو الفرج الأصبهاني في كتاب الأغاني والواحدي وابن عدي وابن مردويه والخطيب وابن عساكر من طرق عن ابن عباس قال: قال الوليد بن عقبة لعلي بن أبي طالب: أنا أحد منك سنانا، وأنشط منك لسانا، وأملأ للكتيبة منك، فقال له علي: اسكت فإنما أنت فاسق، فنزلت (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون) يعنى بالمؤمن عليا، وبالفاسق الوليد بن عقبة بن أبي معيط. وأخرج ابن مردويه والخطيب وابن عساكر عنه في الآية نحوه.
وروي نحو هذا عن عطاء بن يسار والسدي وعبد الرحمن بن أبي ليلى. وأخرج الفريابي وابن منيع وابن جرير