قوله (ولقد أرسلنا من قبلك رسلا إلى قومهم) كما أرسلناك إلى قومك (فجاءوهم بالبينات) أي بالمعجزات والحجج النيرات فانتقمنا منهم: أي فكفروا (فانتقمنا من الذين أجرموا) أي فعلوا الإجرام، وهي الآثام (وكان حقا علينا نصر المؤمنين) هذا إخبار من الله سبحانه بأن نصره لعباده المؤمنين حق عليه وهو صادق الوعد لا يخلف الميعاد، وفيه تشريف للمؤمنين ومزيد تكرمة لعباده الصالحين، ووقف بعض القراء على حقا وجعل اسم كان ضميرا فيها وخبرها حقا: أي وكان الانتقام حقا. قال ابن عطية: وهذا ضعيف، والصحيح أن نصر المؤمنين اسمها وحقا خبرها وعلينا متعلق بحقا، أو بمحذوف هو صفة له (الله الذي يرسل الرياح) قرأ حمزة والكسائي وابن كثير وابن محيصن يرسل " الريح " بالإفراد. وقرأ الباقون " الرياح " قال أبو عمرو: كل ما كان بمعنى الرحمة فهو جمع، وما كان بمعنى العذاب فهو موحد، وهذه الجملة مستأنفة مسوقة لبيان ما سبق من أحوال الرياح، فتكون على هذا جملة " ولقد أرسلنا " إلى قوله " وكان حقا علينا نصر المؤمنين " معترضة (فتثير سحابا) أي تزعجه من حيث هو (فيبسطه في السماء كيف يشاء) تارة سائرا وتارة واقفا، وتارة مطبقا، وتارة غير مطبق، وتارة إلى مسافة بعيدة، وتارة إلى مسافة قريبة، وقد تقدم تفسير هذه الآية في سورة البقرة وفي سورة النور (ويجعله كسفا) تارة أخرى، أو يجعله بعد بسطه قطعا متفرقة، والكسف جمع كسفة، والكسفة القطعة من السحاب. وقد تقدم تفسيره واختلاف
(٢٣٠)