كالكلب يعود في قيئه (١).
فالجواب عن ذلك أن هذه كلها أخبار آحاد لا توجب علما ولا عملا ولا تثبت بمثلها الأحكام. وهذا الخبر معارض بأخبار كثيرة يروونها عن النبي (صلى الله عليه وآله) من جواز الرجوع في الهبة (٢)، وإذا سلم هذا الخبر على ما فيه فالمراد به الاستقذار لا التحريم لأن ذلك مستهجن مستقذر، ألا ترى أن الكلب لا تحريم عليه.
فأما الخبر الآخر الذي لا يتضمن ذكر الكلب فهو وإن كان مطلقا يرجع إلى الكلب لأن الألف واللام يحملان على العهد، وليس هاهنا جنس يعهد منه الرجوع في قيئه إلا الكلب فلا فرق بين أن يقول كالعائد في قيئه وبين أن يقول كالكلب يعود في قيئه.
على أنا لو حملنا لفظة (العائد) على الجنس والعموم لدخل فيه الكلب لا محالة فلا يجوز حمل العود على التحريم، لأن ذلك لا يتأتى في الكلب فلا بد من حمله على الاستقذار والاستهجان وهو متأت في كل عائد.
فإن قيل: كيف يجوز أن يجتمع جواز الرجوع في الهبة مع القول بأنها تملك بالقبض؟
قلنا: غير ممتنع اجتماعهما كما أن المبيع إذا شرط فيه الخيار مدة معلومة كان مملوكا بالعقد، وإن كان حق الرجوع فيه ثابتا.