وهذا مما لم يوافق فيه أحد من الفقهاء، لأن الشافعي ومالكا (١) وإن أبطلا نكاح المحرم، وجوز ذلك أبو حنيفة (٢) فإنهما لا يقولان: إنه إذا فعل ذلك على بعض الوجوه حرمت عليه المرأة أبدا.
دليلنا الإجماع المتردد.
ويمكن أن نقول للشافعي ومالك الموافقين لنا في تحريم نكاح المحرم إذا ثبت فساد نكاح المحرم باتفاق بيننا، وثبت أن ما صح فساده أو صحته في أحكام الشريعة لا يجوز تغير أحواله باجتهاد أو استفتاء مجتهد، لأن الدليل قد دل على فساد الاجتهاد الذي يعنونه في الشريعة، فلم يبق إلا أن الفاسد يكون أبدا كذلك، والصحيح يكون على كل حال كذلك، وإذا ثبتت هذه الجملة وجدنا كل من قال من الأمة: إن نكاح المحرم أو إنكاحه فاسد على كل وجه، ومن كل أحد يذهب إلى ما فصلناه من أنه إذا فعل ذلك عالما به بطل نكاحه ولم تحل له المرأة أبدا، لأن أحدا من الأمة لم يفرق بين الموضعين والفرق بينهما خروج عن إجماع الأمة.